كالغائي كما إذا قال مثلاً : إنّي آتٍ بالوضوء لوجوبه شرعاً ، بل قصد الأمر بنحو التوصيف يكون أظهر في الإشارة إلى العنوان الخاصّ المأخوذ فيها من قصده غاية ، مع أنّه لا يكفي مثل هذا القصد قطعاً.
منها : أنّ هذا غير وافٍ بدفع إشكال ترتّب المثوبة عليها كما لا يخفى.
الوجه الرابع : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وحاصله : أنّه لا وجه لحصر منشأ عباديّة الطهارات الثلاث في الأمر الغيري والأمر النفسي الاستحبابي ليرد الإشكال على كلّ منهما ، بل هناك منشأ ثالث وهو قصد الأمر النفسي الضمني الذي نشأ من جانب الأمر النفسي على ذي المقدّمة ، لأنّ الأمر النفسي المتعلّق بالصّلاة مثلاً كما ينحلّ إلى أجزائها كذلك ينحلّ إلى شرائطها وقيودها.
ثمّ أورد على نفسه بأنّ لازم ذلك هو القول بعباديّة الشرائط مطلقاً من دون فرق بين الطهارات الثلاث وغيرها لفرض أنّ الأمر النفسي تعلّق بالجميع على نحو واحد.
وأجاب عن ذلك بأنّ الفارق بينهما هو أنّ الغرض من الطهارات الثلاث ( وهو رفع الحدث ) لا يحصل إلاّ إذا أتى المكلّف بها بقصد القربة دون غيرها من الشرائط ، ولا مانع من اختلاف الشرائط من هذه الناحية بل لا مانع من اختلاف الأجزاء أيضاً بالعباديّة وعدمها في مرحلة الثبوت وإن لم يتّفق ذلك في مرحلة الإثبات ( أي أنّ أمر اعتبار قصد القربة وعدمه بيد المولى الآمر ، فله أن يلغى اعتباره حتّى عن بعض الأجزاء فضلاً عن الشرائط ) (١).
أقول : يرد عليه ما ذكرنا سابقاً من أنّ الأمر النفسي المتعلّق بالصلاه مثلاً إنّما تعلّق باجزائها وتقيّدها بالشرائط ، وأمّا نفس الشرائط فهي خارجة عن ذات المأمور به ، ( كما قيل : التقيّد جزء والقيد خارجي ) فلا يمكن حلّ المشكل من هذا الطريق لأنّه يعود إلى الأمر المقدّمي لا محالة.
فقد تلخّص من جميع ما ذكرنا في هذا المجال أنّ لتصحيح عباديّة الطهارات الثلاث طرق ثلاثه :
أحدها قصد الأمر الغيري.
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦.