يسمّى بالحصّة التوأمة على بعض التعابير ، وبالقضيّة الحينية على تعبير آخر ، لأنّه لا إهمال في مقام الثبوت ، فإنّ المولى إمّا أن يطلب الوضوء مثلاً مع تقيّده بقيد الإيصال فيكون من قبيل القضيّة المشروطة ، أو لا يطلبه في الواقع كذلك فيكون من قبيل القضيّة المطلقة ، ولا نعقل شيئاً ثالثاً في مقام الثبوت والواقع.
وقد يجاب عن هذه المناقشة بأنّه يمكن تصوير شقّ ثالث في مقام الثبوت وهو ما قد يعبّر عنه بالتضيّق الذاتي في المعلول بالنسبة إلى علّته ، فإنّ كلّ نار مثلاً لا توجد مطلق الحرارة بل إنّما توجد الحرارة المضيّقة بها نفسها ، فالحرارة بالنسبة إليها لا مطلقة وهو واضح ، ولا مقيّدة لأنّ في التقييد يكون القيد والمقيّد في رتبة واحدة ، والحرارة معلولة للنار ، والمعلول ليس في رتبة علّته فلابدّ من القول أنّ الحرارة مضيّقة بالنار في مرتبة الذات ، وهكذا في ما نحن فيه ، فالوضوء لا مطلق بالنسبة إلى الصّلاة ولا مقيّد بها ، لكونهما في رتبتين ، فيكون مضيّقاً بها بتضيّق ذاتي ، ولعلّ هذا هو المراد من الحصّة التوأمة.
ولكن يمكن الجواب عنه أيضاً : بأنّ التضيّق الذاتي أمر مقبول في باب العلّة والمعلول ، وقد مرّ كراراً أنّ مثل المقام ليس من ذلك الباب ، فإنّ العلّة لوجوب الوضوء إنّما هي إرادة المولى لا وجوب الصّلاة ، بل وجوب الصّلاة من قبيل الداعي للمولى إلى إيجاب الوضوء فقياس الوضوء ، بالنسبة إلى الصّلاة بالحرارة بالنسبة إلى النار مع الفارق ، ولا يمكن تصوير شقّ ثالث باسم التضيّق الذاتي فيه ، بل يدور الأمر فيه بين الإطلاق والاشتراط كما عرفت ، وحيث إنّه ليس من باب العلّة والمعلول فلا مانع من التقييد والاشتراط فيه ، أي يقول المولى : إنّما اريد هذا الوضوء مقيّداً بإيصاله إلى الصّلاة ، فرجع الكلام بالمآل إلى المقدّمة الموصلة.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ جميع الأقوال غير تامّة إلاّ القول الرابع وهو مقالة صاحب الفصول.
فنقول : الحقّ في المسألة هو هذا القول ، أي وجوب المقدّمة الموصلة ويمكن أن يستدلّ له بامور ثلاثة :
الأمر الأوّل : الوجدان ، وهو العمدة ، فإنّ الوجدان الفقهي في المقدّمات المحرّمة حاكم بأنّ تبديل حكم حرمة المقدّمة إلى جوازها بل وجوبها منحصر فيما إذا أوصل المكلّف إلى ذي المقدّمة ، فمن دخل الدار المغصوبة ولم ينقذ الغريق فقد عصى ، ومن دخلها وأنقذ الغريق فقد