بنفسه يعاند الترك المطلق وينافيه لا أن يكون ملازماً لترك الترك ، فإنّ الفعل حينئذٍ وإن لم يكن عين الترك بحسب الاصطلاح مفهوماً لكنّه متّحد به عيناً وخارجاً فإن كان الترك واجباً فلا محالة يكون الفعل منهياً عنه قطعاً.
أقول : الإنصاف أنّ الحقّ مع الشّيخ الأعظم رحمهالله حيث يقول : إنّ نقيض الترك الموصل له مصداقان : أحدهما : فعل الصّلاة ، والآخر : الترك غير الموصل ، فيكون فعل الصّلاة من مصاديق النقيض لا من مقارناته لأنّه يكون من قبيل الصّوم الذي هو عبارة عن ترك المفطّرات مع قصد القربة ، ولا إشكال في أنّ لنقيضه مصداقين : أحدهما : الإفطار بأحد المفطّرات ، وثانيهما : ترك المفطّرات بدون قصد القربة ، فكلّ من الأمرين مصداق لترك الصّيام لا من مقارناته ، ولذلك كلّ واحد منهما يوجب المعصية ومخالفة أمر الصووم.
وإن شئت قلت : يرد نفس الإشكال على المحقّق الخراساني رحمهالله أيضاً حيث إنّ فعل الصّلاة كما لا يكون نقيض الترك الموصل بل يكون من مقارناته أو لوازمه كذلك لا يكون نقيض الترك المطلق ، حيث إنّ نقيض الترك إنّما هو ترك الترك لا الفعل كما صرّح به الشّيخ الأعظم رحمهالله أيضاً في ذيل كلامه المزبور ، فظهر إلى هنا أنّ إشكال الشّيخ الأعظم رحمهالله على الثمرة الثالثة تامّ في محلّه.
ويرد إشكالان آخران على هذه الثمرة :
الإشكال الأوّل : أنّ قيد الإيصال شرط الواجب لا الوجوب وحينئذٍ يجب تحصيله على أيّ حال : أي يكون ترك الصّلاة الموصل واجباً حتّى مع وجود الصارف عن الإزالة.
وبعبارة اخرى : يجب على المكلّف أمران : ترك الصّلاة وإيصاله إلى الإزالة ، ولا يوجب ترك أحدهما سقوط الآخر عن الوجوب ، فلا يوجب ترك الإيصال إلى الإزالة سقوط المقدّمة ، أي ترك الصّلاة عن الوجوب ، كما أنّ ترك الصّلاة لا يوجب سقوط الوضوء عن الوجوب ( فإنّه شرط للواجب لا الوجوب ).
الإشكال الثاني : سلّمنا أنّ الصّلاة تقع صحيحة بناءً على القول بوجوب المقدّمة الموصلة ولكنّها تقع صحيحة بناءً على وجوب مطلق المقدّمة أيضاً ، وذلك من طريق القول بالترتّب إذا قلنا بعدم دلالة الأمر بشيء على النهي عن ضدّه الخاصّ ، اللهمّ إلاّ أن يقال أنّه خروج عن الفرض.