لا يقال : إنّه إذا لم يجب أن يكون الملازم محكوماً بحكم ملازمه لزم خلوّه عن الحكم.
لأنّا نقول : أنّ عدم جواز خلوّ الواقعة عن الحكم إنّما هو بالنسبة إلى الحكم الواقعي ولو كان إنشائيّاً لا الحكم الفعلي ، والملازم وإن لم يكن محكوماً فعلاً بحكم ملازمه ، ولكنّه محكوم واقعاً بحكم إنشائي ولو كان مخالفاً لحكم ملازمه.
أقول : ونضيف إلى ذلك : أنّه لا إشكال في جواز خلوّ الواقعة عن الحكم إنشاءً وفعلاً إذا لم تكن الواقعة ذات شأن كاللعب بالسبحة مثلاً ، أو يكون جعل الحكم فيها لغواً أو شبه ذلك ، بل لا بدّ للشارع جعل الحكم بالنسبة إلى الوقائع التي يبتلي به المكلّفون وتكون ذات شأن في الخارج ، وإلاّ يستلزم نقصان الشريعة المقدّسة ، وما نحن فيه من القسم الأوّل ، لأنّ جعل الوجوب لترك الصّلاة الملازم لفعل الإزالة لغو لا حاجة إليه مع وجوب الإزالة لأنّه يحصل بفعل الإزالة قهراً سواء أراده المكلّف أو لم يرده وسواء كان واجباً أو مباحاً.
إن قلت : ظاهر بعض الرّوايات والآيات أنّه ما من واقعة إلاّولها حكم في الشرع.
قلنا : هذه الرّوايات أو الآيات ناظرة إلى القسم الثاني من الوقائع ، أي الوقائع التي تكون ذات شأن في الواقع ويبتلى به المكلّف ممّا له فائدة.
ثمّ إنّه يمكن المناقشة في هذا الوجه بالنسبة إلى المقدّمة الثالثة أيضاً حيث إنّها مبنيّة على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه العامّ ، لأنّ ترك الصّلاة ضدّ عام لفعل الصّلاة ، وقد مرّ في المقام الأوّل عدم نهوض دليل على ذلك.
فظهر أنّ السالم من الإشكال إنّما هو المقدّمة الاولى ، وهي وجود التلازم بين وجود أحد الضدّين وعدم الآخر ، ومن العجب إشكال تهذيب الاصول في هذه المقدّمة أيضاً حيث قال : « إنّ نقيض كلّ شيء رفعه لا إثبات هذا الرفع فنقيض قولنا « يصدق عليه السواد » هو « أنّه لا يصدق عليه السواد » لا أنّه يصدق عليه عدم السواد ، وكم فرق بين السالبة المحصّلة وبين الموجبة المعدولة أو الموجبة السالبة المحمول ، كما إذا قلت : « يصدق عليه أنّه ليس بسواد » (١).
وفيه : أنّ من المعلوم أنّ الضدّين لا يجتمعان في الوجود بلا إشكال ، وإذا لم يجتمع وجود أحد الضدّين مع وجود الضدّ الآخر ، يجتمع لا محالة مع عدمه لأنّ النقيضان لا يرتفعان ، وليس في البين قضيّة حتّى يتكلّم عن أنّ نقيضها سالبة محصّلة أو موجبة معدولة.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، طبع مهر ، ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥.