والمهمّ في عرض واحد بلا تقييد واحد منهما بالعصيان ( كما عليه القوم في تصوير الأمر بالمهمّ وقد مرّ منّا أيضاً حيث قلنا أنّ الأمر بالمهمّ مترتّب على عصيان أمر الأهمّ ) ثمّ ذكر لتصوير ذلك مقدّمات سبعة والمهمّ منها الثلاثة الأخيرة ، كما أنّ أهمّ الثلاثة هو المقدّمة الخامسة ، وإليك نصّ كلامه بتلخيص منّا : « إنّ توضيح المختار يستدعي رسم مقدّمات :
الاولى : التحقيق كما سيأتي أنّ الأوامر متعلّقة بالطبائع لأنّ الغرض قائم بنفس الطبيعة بأي خصوصيّة تشخّصت ، وفي ضمن أي فرد تحقّقت فلا معنى لادخال أيّة خصوصيّة تحت الأمر بعد عدم دخالتها في الغرض.
الثانيّة : إنّ الإطلاق بعد فرض تماميّة مقدّماته ليس معناه إلاّكون الطبيعة تمام الموضوع للحكم بلا دخالة شيء آخر ، أو ليس إلاّ أنّ ما وقع تحت دائرة الطلب تمام الموضوع له ، هذا ليشمل ما إذا كان الموضوع جزئيّاً ، وأمّا جعل الطبيعة مرآتاً لمصاديقها أو جعل الموضوع مرآتاً لحالاته فخارج من معنى الإطلاق وداخل تحت العموم أفراديّاً أو أحوالياً.
الثالثة : إنّك قد عرفت أنّ الأوامر المتعلّقة بالطبائع لا تعرض لها على أحوال الطبيعة وأفرادها ، ومنه يظهر أنّ التزاحمات الواقعة في الخارج بين أفراد الطبائع بالعرض غير ملحوظة في تلك الأدلّة ، لأنّ الحكم مجعول على العناوين الكلّية ، وهو مقدّم على التزاحم الواقع بين الأفراد برتبتين : رتبة تعلّق الحكم بالعناوين ، ورتبة فرض ابتلاء المكلّف بالواقعة ، وما له هذا الشأن من التقدّم لا يتعرّض لحال ما يتأخّر عنه برتبتين ، والحاصل أنّ التزاحم بين وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ووجوب الصّلاة حيث يتحقّق ـ متأخّر عن تعلّق الحكم بموضوعاتها وعن ابتلاء المكلّف بالواقعة المتزاحم فيها ولا تكون الأدلّة متعرّضة لحاله فضلاً عن التعرّض لعلاجه إذ قد تقدّم أنّ المطلق لا يكون ناظراً إلى حالات الموضوع في نفسه فضلاً عن حالاته مع غيره ، وعن طروّ المزاحمة بينهما فضلاً عن أن يكون ناظراً إلى علاج المزاحمة ، فاتّضح بطلان اشتراط المهمّ بعصيان الأهمّ الذي يتبنّى عليه أساس الترتّب.
الرابعة : إنّك إذا تتبّعت كلمات الأعلام في تقسيم الحكم إلى مراتبه الأربعة تجد فيها ما لا يمكن الموافقة معه بل الأحكام منقسمة إلى حكم إنشائي وهو ما لم ير الحاكم صلاحاً في إجرائه وإن كان نفس الحكم ذو صلاح ، أو يرى صلاحاً في إجرائه ولكن أنشيء بصورة العموم والإطلاق ليلحق به خصوصه وقيده ، وإلى حكم فعلي قد بيّن وأُوضح بخصوصه وقيوده وآن