الشخصيّة وأنّه « إن كان الأمر شخصياً متوجّهاً إلى شخص معيّن فالحقّ هو القول بالامتناع إذ الملاك هو احتمال انبعاثه وهو لا يجتمع مع العلم بانتفاء شرطه أيّ شرط كان من شرط الجعل أو المجعول بل مع انتفاء الاحتمال من جهة القصور أو التقصير من المكلّف ، وأمّا الأوامر الكلّية القانونيّة المتوجّهة إلى عامّة المكلّفين فلا يجوز مع العلم بفقد عامّتهم للشرط ، وأمّا مع كون الفاقد والواجد مختلطين موجودين في كلّ عصر ومصر كما هو الحال خارجاً ، فالتكليف عامّ شامل للقادر والعاجز ، وفعلي في حقّ العاصي والمطيع والنائم والساهي ، نعم للعقل الحكومة المطلقة في تشخيص المستحقّ للعقاب من غير المستحقّ فيجعل العاجز ومن أشبهه في عداد المعذورين في مخالفة الحكم الفعلي » (١).
أقول : إنّ هذا مبني على عدم انحلال خطاب واحد إلى خطابات متعدّدة مستقلّة كما صرّح به في تتمّة كلامه ، وقد مرّ في مبحث الترتّب المناقشة فيه وفي ما يترتّب عليه من الأحكام الكثيرة ، نعم مع قطع النظر عن مبنى الانحلال لو علم بانتفاء الشرط عن عامّة المكلّفين كان أمر الآمر لغواً فلا يجوز أمره مع العلم بانتفاء شرطه كما أشار إليه فيما عرفت من كلامه ، وأمّا إذا علم بانتفاء الشرط عن بعض المكلّفين فلا إشكال في أمره وخطابه بلحاظ وجود الشرط في سائر المكلّفين ، بل لا فرق حينئذ بين القول بالانحلال وعدمه ، لأنّ الخطاب على أيّ حال واحد ولو كان الحكم منحلاً بأحكام عديدة ، وحيث إنّ الخطاب واحد صدر على نحو الكلّي فلا يلزم لغويّة لأنّها ترجع إلى اللفظ ، واللفظ واحد.
الأمر الثاني : فيما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله من « أنّ هذه المسألة باطلة من أصلها وليس فيها معنى معقول يبحث عنه لما عرفت في مبحث الواجب المشروط أنّ فعلية الحكم في القضايا الحقيقية مشروطة بوجود موضوعه خارجاً ويستحيل تخلّفها عنه ، وعلم الآمر بوجوده أو بعدمه أجنبي عن ذلك ، فلا معنى للبحث عن جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه ، كما قد عرفت أنّ الحكم في القضايا الخارجيّة يدور مدار علم الحاكم ووجود شروط الحكم ، وأمّا نفس وجودها في الخارج أو عدمها فيه فهو أجنبي عن الحكم فلا معنى للبحث عن الجواز المزبور فيها أيضاً » (٢).
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، طبع مهر.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٢٠٩.