لا إشكال في أنّ هذا وجه معقول يمكن وقوعه خارجاً ، لأنّه لا مانع لانشاء الأمر من دون حصول شرائط فعليّته لتصوّر مصالح اخرى في أمر المولى غير حصول العبد على مصالح المكلّف به كمصلحة الامتحان ، وهو واضح ، وقد عرفت أنّ منشأ طرح المسألة أيضاً هذا المعنى.
الاحتمال الرابع : ما ذكره في الفصول وذهب إليه في تهذيب الاصول وهو أن يكون المراد أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرط وجود المكلّف به ( والفرق بينه وبين الثلاثة الاولى أنّ المعلوم هنا هو انتفاء شرط وجود المكلّف به ، بينما المعلوم في الثلاثة هو انتفاء شرط التكليف ) وهو نظير بعض الأوامر الامتحانيّة حيث إنّ المولى يأمر فيه مع العلم بانتفاء شرط وجود المكلّف به ، وهو عدم النسخ لأنّه يعلم بأنّه سوف ينسخ.
فإن كان المراد في المسألة هذا الوجه فهو أيضاً وجه معقول ولكن يمكن المناقشة في المثال بأنّه راجع إلى الوجه الثالث ، لأنّ عدم النسخ من شرائط التكليف بقاءً لا المكلّف به ، فإنّ النسخ عبارة عن رفع التكليف وإزالة الحكم ، وعلى أيّ حال : الوجه المعقول في تصوير محلّ النزاع إنّما هو الوجه الثالث والرابع ، والحقّ التفصيل بين ما إذا كان الضمير الموجود في العنوان ( مع العلم بانتفاء شرطه ) راجعاً إلى وجوب المأمور به ، فيكون المراد من الشرط حينئذٍ شرط التكليف كالإستطاعة ، ويكون محلّ النزاع هو الوجه الثالث ، وبين ما إذا كان الضمير راجعاً إلى وجود المأمور به ، فيكون الشرط شرط المكلّف به كالوضوء ويكون محلّ النزاع هو الوجه الرابع ، فإن قلنا بالأوّل فيمكن أن يقال : إنّ هذا البعث لغو لأنّ لازمه أن يقول المولى لعبده : « إذا استطعت فحجّ » مع علمه بعدم استطاعته ، ومن واضح أنّه لا فائدة لمثل هذا البعث اللهمّ إلاّ أن يلاحظ فيه منافع وأغراض اخر.
وإن قلنا بالثاني فلا إشكال في جوازه كما إذا أمر بالصّلاة مع علمه بعدم كونه متوضّأً.
والإنصاف أنّ هذه المسألة من المسائل التي عنونها بعض الأشاعرة مع عدم وضوح المراد منها ومع عدم ترتّب ثمرة عليها ، ولها نظائر في المسائل الاصوليّة.
بقي هنا امور :
الأمر الأوّل : فيما أفاده في تهذيب الاصول من التفصيل بين الأوامر القانونيّة والأوامر