البعث التشريعي ، أي مفاد هيئة « افعل ».
الأمر الثاني : أنّ المراد من الوجود في ما نحن فيه إنّما هو الوجود السعي الساري في جميع الأفراد لا وجود خاصّ من قبيل الجزئي الحقيقي ، بل يكون حينئذٍ من قبيل الجزئي الإضافي وشبيهاً للكلّي في باب المفاهيم بحيث ينطبق على كثيرين.
الأمر الثالث : قال المحقّق العراقي رحمهالله : « إنّ الذي يقتضيه التحقيق هو تعلّق الأوامر والطلب بنفس الطبيعة لكن بما هي مرآة للخارج وملحوظة بحسب اللحاظ التصوّري عين الخارج لا بالوجود الخارجي كما هو الشأن في سائر الكيفيات النفسيّة من المحبّة والاشتياق بل العلم والظنّ ونحوهما ، كما يشهد لذلك ملاحظة الجاهل المركّب الذي يعتقد بوجود شيء بالقطع المخالف للواقع ، فيطلبه ويريده أو يخبر بوجوده وتحقّقه في الخارج ، إذ لولا ما ذكرنا من تعلّق الصفات المزبورة بالعناوين والصور الذهنيّة بما هي ملحوظة خارجيّة ، يلزم خلوّ الصفات المزبورة عن المتعلّق في مثل الغرض مع أنّ ذلك كما ترى ( إلى أن قال ) : وعلى ذلك لا يبقى مجال لجعل المتعلّق للطلب في الأوامر عبارة عن الوجود أو صرف الإيجاد » (١).
أقول : إنّا نقبل تعلّق الأوامر بالطبائع بما هي مرآة للخارج لكنّه بنفسه دليل على أنّ حقيقة المطلوب هو الوجود الخارجي الذي لا شكّ في أنّه منبع كلّ أثر ، وأنّ الأوامر وإن تعلّقت ابتداءً وفي بدو النظر بالوجود الذهني ولكنّها لا تستقرّ عليه بل تعبر منه إلى الإيجاد في الخارج فما تتعلّق به الأوامر حقيقة إنّما هو الإيجاد في الخارج ، ولكن من طريق تعلّقها بعناوين تشير إلى الخارج وتعبّر عنه ولا يقاس الأمر على العلم والظنّ.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٤٠٤ ـ ٤٠٥.