الصحيح أنّ العقاب واحد ، ولكنّه يوزّع على جميع المكلّفين الذين حضروا الواجب ، أمّا الوجه في وحدة العقاب فلأنّ غرض المولى يكون واحداً أي المصلحة التي تترتّب على العمل واحدة ، وأمّا وجه توزيعه على جميع المكلّفين فلأنّ متعلّق الخطاب كان عنوان بعض المكلّفين ، ولا إشكال في أنّ كلّ واحد من المكلّفين مصداق لهذا العنوان.
الأمر الثاني : هل يجوز قيام جميع المكلّفين بإتيان المأمور به في الواجب الكفائي مع قصد الورود أو لا؟
وللمسألة صور مختلفة : ففي بعض الصور لا إشكال في عدم إمكان إتيان الجميع للعمل لا بالاشتراك ولا بالاستقلال لعدم قابلية الفعل لذلك ذاتاً كقطع يد واحدة في باب السرقة ، وفي بعض آخر يكون المحلّ قابلاً لإتيان الجميع في حدّ ذاته ولكن لا يجوز أيضاً لأنّ المولى أخذ متعلّق خطابه بشرط لا كما في إجراء الحدّ بمائة جلدة ، فلا يجوز لكلّ واحد من المؤمنين إجراء الحدّ الكامل على الزاني مثلاً ، وفي صورة ثالثة يكون المحلّ أيضاً قابلاً ويكون إتيان كلّ واحد من المكلّفين مطلوباً للمولى كطلب العلم إلى حدّ الاجتهاد فيما إذا لم يكن مخلاً للنظام ولكن مع ذلك لا يجوز إتيان الجميع بقصد الوجوب والورود بل يجوز بقصد المطلوبيّة أعمّ من الوجوب والاستحباب ، وهناك صورة رابعة ، وهي نفس الصورة الثالثة إلاّ أنّه لا دليل على كون إتيان الجميع مطلوباً ، ولا على أخذ المتعلّق بشرط لا ، كتجهيز الميّت والصّلاة عليه ، ففي هذه الصورة يفصّل بين ما إذا أتى الجميع بالمأمور به معاً ودفعةً ، فيكون كلّ واحد ممتثلاً للتكليف لصدق صرف وجود المكلّف على جميعهم حينئذٍ ، وما إذا أتوا به تدريجاً فيكون إتيان المبادر بالامتثال امتثالاً للتكليف بلا إشكال ، ويقع إتيان الباقين لغواً لأنّ بإتيان المبادر تحقّق صرف وجود المتعلّق وبتحقّقه يسقط الأمر.
ومن هنا يظهر الحكم في الواجب التخييري فيما إذا أراد المكلّف إتيان جميع الأطراف فيأتي فيه جميع الصور الأربعة ، نعم فيما إذا أتى المكلّف بجميع الأطراف دفعةً لا إشكال أيضاً في كون كلّ واحد منها مصداقاً للمأمور به ولكن مع ذلك يترتّب عليها ثواب عمل واحد لأنّ المأمور به والمطلوب كان واحداً ، وتعدّد الثواب تابع لتعدّد الغرض والمطلوب لا لتعدّد ما يتحقّق به الغرض.
الأمر الثالث : قد يصير الواجب الكفائي عينياً كما أنّ الواجب التخييري أيضاً قد يصير