المحقّق الخراساني رحمهالله ( وهي استفادة التوقيت من دليل منفصل أوّلاً ، وعدم إطلاق له على التقييد بالوقت ثانياً وكون دليل الواجب مطلقاً ثالثاً ) واخرى من مناسبات الحكم والموضوع كما إذا قال المولى : « اقرأ القرآن يوم الجمعة » أو قال : « اقرأ القرآن بالصوت الحسن » فلا إشكال في أنّ مقتضى مناسبة الحكم والموضوع في هذين المثالين أنّ مطلق قراءة القرآن مطلوب ، وقراءته يوم الجمعة أو بالصوت الحسن مطلوب آخر.
بل قد يقال أنّه كذلك في جميع المستحبّات الواردة في لسان الشرع كما هو المعروف ، فيقال أنّ الأصل في المستحبّات هو تعدّد المطلوب.
وأمّا الواجبات فيمكن التمثيل لتعدّد المطلوب بالإضافة إلى غير الموقّتة منها بقوله تعالى :
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ... وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )(١) فإنّ مقتضى مناسبة الحكم والموضوع فيه أنّ شهادة طائفة من المؤمنين مطلوب وأصل إجراء الحدّ المطلوب آخر مع ورودهما في خطاب واحد.
ثمّ إنّه لو فرضنا إجمال الدليل الاجتهادي بالنسبة إلى وحدة المطلوب وتعدّده فما هو مقتضى الأصل العملي؟
ذهب بعض إلى أنّ مقتضى استصحاب بقاء الوجوب بعد مضيّ الوقت كون المطلوب متعدّداً فيجب القضاء.
ولكن يرد عليه : أوّلاً : عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.
وثانياً : أنّ جريانه مبني على بقاء الموضوع ، أي عدم كون الوقت جزءً لموضوع الوجوب بل قيداً للحكم عند العرف ، فإن كان الوقت جزءً مقوّماً للموضوع لم يكن الاستصحاب جارياً لأنّ من شرائط الاستصحاب وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة وإن لم يكن الوقت جزءً مقوّماً للموضوع ، كما أنّه كذلك في قوله تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) حيث إنّ الحدّ المذكور لوقت الصّلاة قيّد لهيئة « أقم » فلا إشكال في بقاء الموضوع وبالنتيجة جريان استصحاب الوجوب.
__________________
(١) سورة النور : الآية ٢.