متلازمان في المجمع كمال الملازمة ، فتسري مبغوضيّة أحدهما إلى الآخر عند العرف والعقلاء ، فلا يمكن التقرّب به ، بل هذا ثابت حتّى في بعض المقارنات الخارجيّة ، وهذا ما ندركه بوجداننا العرفي العقلائي فيمن يعصي الله بسمعه أو لسانه في مجلس الذكر أو مجلس إقامة العزاء لأبي عبدالله عليهالسلام فنحكم بعدم كون عمله مقرّباً إلى الله وأنّه لا يمكن له أن يقول : « إنّي أتقرّب بهذا العمل إلى الله » ولذلك قلنا في محلّه ببطلان الصّلاة إذا تقارنت مع المعاصي الكبيرة التي يحكم العرف بعدم كونها مقرّبة إلى الله في ذلك الحال حتّى على مبنى جواز الاجتماع بحسب حكم العقل ، فإنّ الدقّة العقليّة غير كافية في هذه المباحث ، وسيأتي من المحقّق البروجردي رحمهالله ضمن بيان أدلّة المجوّزين أنّ المبعّد لا يكون مقرّباً فانتظر.
وللمحقّق النائيني رحمهالله في هذا المجال بيان لبطلان الصّلاة فيما إذا كان المكلّف عالماً بالحرمة على القول بالجواز ( أي نفس الصورة الاولى في المسألة ) وحاصله على حكاية تلميذه المحقّق في المحاضرات : إنّ منشأ اعتبار القدرة في التكليف إنّما هو اقتضاء نفس التكليف ذلك لا حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، والوجه في ذلك هو أنّ الغرض من التكليف حيث إنّه كان جعل الداعي للمكلّف نحو الفعل فمن الواضح أنّ هذا بنفسه يقتضي كون متعلّقه مقدوراً ، ضرورة استحالة جعل الداعي نحو الممتنع عقلاً وشرعاً ، ونتيجة ذلك هي أنّ متعلّقه حصّة خاصّة من الطبيعة ـ وهي الحصّة المقدورة عقلاً وشرعاً وهي الصّلاة في غير المكان المغصوب ، وأمّا الصّلاة في المكان المغصوب فهي خارجة عن متعلّقه ولا تكون مصداقاً للمأمور به وفرداً له فإنّها وإن لم تكن متّحدة مع الحرام في الخارج إلاّ أنّها ملازمة له خارجاً ، فلأجل ذلك لا تكون مقدورة شرعاً وإن كانت مقدورة عقلاً ، والمفروض أنّ الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي فلا يمكن الحكم بصحّة العبادة في مورد الاجتماع بناءً على القول بالجواز وتغاير متعلّق الأمر والنهي فضلاً عن غيره (١). ( انتهى ).
وهذا الكلام يرجع إلى ما ذكرنا من بعض الجهات.
__________________
(١) راجع المحاضرات : ج ٤ ص ٢١٧ ـ ٢١٨.