الغصب المنهي عنه في الخارج ، فإذن لا مناصّ من القول بالامتناع ( انتهى ملخّصاً ) (١).
أقول : يرد عليه : أوّلاً : أنّ النيّة ليست من الكيف النفساني بل هي من أفعال النفس لأنّها ليست مجرّد شوق نفساني الذي يعبّر عنه بصيغة فعل الماضي « نَوى ».
ثانياً : أنّ الأذكار والقراءات أيضاً تكون من قبيل الفعل والإيجاد لا الكيف المسموع ، فهي حينئذٍ إمّا من مقولة الفعل لكونها حركة تدريجية ، وإمّا ليست داخلة في مقولة من المقولات بناءً على عدم كون الحركة من المقولات من باب أنّ الحركة من خصوصّيات الوجود وليست من شؤون الماهية ، وبالجملة أنّها ليست من مقولة الكيف المسموع ، نعم إنّ الحالة الصوتيّة كالجهر والاخفات التي تعرض القراءة تكون من قبيل الكيف المسموع كما لا يخفى.
ثالثاً : الحقّ أنّ الهويّ جزء للركوع أو السجود لا من مقدّماتهما ، فكأنّه لاحظ طائفة من الرّوايات الدالّة على أنّ الصّلاة ثلثها الركوع أو ثلثها السجود فإستظهر أنّ الركوع هو مجرّد الانحناء أو أنّ السجود هو مجرّد الانخفاض مع أنّ من جملة الأدلّة قوله تعالى : ( ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) مثلاً ولا ريب في أنّ ظاهرها أنّ الركوع هو الانحناء بضميمة الهويّ وهكذا في باب السجود ، ولذلك يجب على من سمع حين السجود آية السجدة الواجبة رفع الرأس عنها ثمّ وضعه بنيّة امتثال آية السجدة ، ولا يكفي مجرّد إبقائه على السجدة كما مرّ سابقاً ، وكذلك يجب على المكلّف في حال الانحناء إذا وجب عليه الركوع النهوض عنه ثمّ الانحناء بنيّة الركوع.
أضف إلى ذلك أنّه لو سلّمنا كون الهويّ من المقدّمات لا الأجزاء لكنّه من المقدّمات القريبة التي يسري القبح أو الحسن منها إلى ذي المقدّمة فتكون في حكم الأجزاء في ما نحن فيه كما مرّت الإشارة إليه سابقاً.
هذا كلّه في البحث عن صغريات المسألة ، ولا إشكال في أنّها ليست منحصرة في مثال الصّلاة في الدار المغصوبة بل هناك موارد كثيرة في الفقه هي من مصاديق هذه المسألة وصغرياتها كالوقوف في عرفات أو منى تحت خيمة مغصوبة أو فوق حجر مغصوب ونظير الطواف مع دابة مغصوبة أو ثوب مغصوب ، وكالصّلاة مع ثوب مغصوب أو السجدة على التراب المغصوب وغير ذلك من الأمثلة التي محلّ البحث عنها هو الفقه ، والتكلّم عنها في
__________________
(١) راجع المحاضرات : ج ٤ ، ص ٢٨١ ـ ٢٨٨.