الأمر بالشيء النهي عن ضدّه وعدمه حيث إنّ الأمر في هذه الصورة ( أي صورة وجود المندوحة ) متعلّق بالصّلاة في مكان آخر أي بسائر الأفراد منها لخلوّها عن المفسدة ، ولا إشكال في أنّ الصّلاة في خارج الغصب من أضداد الصّلاة في داخل الغصب ( لوجود المضادّة والمعاندة بينهما فإنّه مع وجود أحدهما لا مجال للآخر ) وحينئذٍ إن قلنا بعدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه تقع الصّلاة في الدار المغصوبة صحيحة وإن قلنا بالاقتضاء تقع الصّلاة باطلة لأنّها حينئذٍ تصير منهيّاً عنها وإن كان المفروض تقديم جانب الأمر حيث إنّ المفروض هو تقديم جانب الأمر على النهي الأصلي لا النهي التبعي المقدّمي.
أقول : ولكن مع ذلك كلّه يمكن المناقشة في هذه الثمرة من جهتين :
الجهة الاولى : أنّه إن كان المقصود من الصّلاة حين الخروج الصّلاة التامّة الأجزاء والشرائط من الركوع والسجود والاستقرار ونحوها فلا إشكال في عدم إمكان إتيانها مطلقاً ، لأنّ المفروض إتيانها حين الخروج وفي ضيق الوقت لا في سعة الوقت ( لأنّ مع سعة الوقت ومع إمكان إتيانها في خارج الدار المغصوبة تامّة للاجزاء والشرائط لا يجوز إتيان الصّلاة في داخل الدار ).
وإن كان المقصود من الصّلاة حين الخروج الصّلاة إيماءً فلا إشكال أيضاً في أنّها حينئذٍ لا توجب تصرّفاً زائداً في الغصب ، ولذا لم يتعلّق بها النهي فتقع الصّلاة صحيحة مطلقاً سواء قلنا بالامتناع أو قلنا بالجواز ، وسواء كان الاضطرار بسوء الاختيار أو بغير سوء الاختيار ، وحينئذٍ لا تختصّ صحّتها بحال دون حال وبصورة دون صورة من الصور الأربعة المزبورة.
الجهة الثانيّة : أنّ الغاصب قد يكون تائباً عن فعله وحينئذٍ إن قلنا بأنّ التوبة تزيل حكم المعصية وتوجب رفع الحرمة كما هو الحقّ في مثل ما نحن فيه فتقع صلاته صحيحة مطلقاً أيضاً من دون اختصاص الصحّة بصورة دون صورة حيث إنّ الحكم حينئذٍ هو الأمر بالصّلاة ولا نهي عنها حتّى يدخل المقام في باب الاجتماع فيبحث عن الصحّة وعدمها على الامتناع والجواز.