ثانياً : أنّ شمول الخطاب للمضطرّ مخالف لظاهر أدلّة إستثناء المضطرّ كقوله تعالى : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ )(١) وما ورد في الخبر : « ما أمن شيء حرّمه الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه » حيث إنّ ظاهرهما بل صريحهما أنّ المضطرّ استثنى من حكم التحريم ، وأنّ الحرمة الفعليّة لم تجعل بالنسبة إليه لا أنّه معذور فقط.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ الصحيح هو القول الثاني وهو وجوب الخروج فعلاً مع عدم حرمته فعلاً ومع جريان حكم المعصية عليه بالنهي السابق الساقط.
هذا كلّه في المقام الأوّل.
وأمّا الجهة الثاني : وهو حال الصّلاة حين الخروج وبعبارة اخرى : ثمرة بحث الخروج عن الأرض المغصوبة فقد ذكر المحقّق الخراساني رحمهالله له صور أربعة :
الصورة الاولى : ما إذا قلنا بجواز الاجتماع ، وعليه لا إشكال في صحّة الصّلاة سواء كان الاضطرار بسوء الاختيار أو لم يكن.
الصورة الثانيّة : ما إذا قلنا بالامتناع وكان الاضطرار بغير سوء الاختيار فلا إشكال أيضاً في صحّة الصّلاة.
الصورة الثالثة : ما إذا قلنا بالامتناع وكان الدخول بسوء الاختيار وقلنا بوجوب الخروج من دون أن يكون حراماً ( كما أنّه هو مختار شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله ) وعليه لا إشكال أيضاً في صحّة الصّلاة.
الصورة الرابعة : ما إذا قلنا بالامتناع وكان الدخول بسوء الاختيار وقلنا بأنّ الخروج منهي عنه كما يكون مأموراً به ، ففي هذه الصورة لو قلنا بتقديم جانب النهي فلا إشكال في بطلان الصّلاة مطلقاً سواء كان في ضيق الوقت أو في سعته ، وأمّا إذا قلنا بتقديم جانب الأمر فالصحيح حينئذٍ التفصيل بين ما إذا كان في ضيق الوقت فلا إشكال في صحّة صلاته ، وما إذا كان في سعة الوقت فلا إشكال أيضاً في صحّة صلاته مع عدم وجود المندوحة وأمّا مع وجود المندوحة وإمكان إتيان الصّلاة في مكان آخر ، فصحّة الصّلاة وعدمها مبنيّتان على اقتضاء
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ١١٩.