حجّية الظواهر أو مسألة التعادل والتراجيح ( في الخبرين المتعارضين ) ولعلّه ناظر في كلامه هذا إلى ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله في هذا المجال من أنّ المسألة الاصوليّة ما تقع نتيجتها كبرى للقياس بلا واسطة شيء ومن دون أن تقع مقدّمة لمسألة اخرى وتكون من مبادئها ، ولذا ليست مسألة « حقيقة المشتقّ فيما انقضى عنه التلبّس » مثلاً من المسائل الاصوليّة لأنّها لا تقع كبرى للقياس المنتج نتيجة فقهيّة بلا واسطة بل إنّها من مبادىء مسألة حجّية خبر الواحد مثلاً ، ولا يخفى أنّ كلام المحقّق النائيني رحمهالله هذا شيء وما ذكره في المحاضرات شيء آخر ، فالظاهر أنّه وقع الخلط بينهما.
والحقّ أنّ المسألة من القواعد الفقهيّة وإنّها ليست مسألة فقهيّة ولا اصوليّة ، وذلك لأنّ ميزان القاعدة الفقهيّة ـ وهو كون النتيجة بنفسها حكماً شرعيّاً كلّياً ( لا أن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلّي كما في المسألة الاصوليّة ) ـ موجود فيها حيث إنّ نتيجتها فساد العبادة مثلاً وهو بنفسه حكم شرعي كلّي ـ هذا من جانب ـ ومن جانب آخر لا يمكن إيكال تطبيقه على موارده ومصاديقه في الفقه إلى المقلّد ، ولازمهما أن لا تكون المسألة اصوليّة ولا فقهيّة بل هي قاعدة فقهيّة.
هذا كلّه بالنسبة إلى الجهة الاولى من هذا الأمر.
أمّا الجهة الثانيّة : وهي كون المسألة عقليّة أو لفظيّة فذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى إمكان عدّها لفظيّة لأجل أنّه في الأقوال قول بدلالة النهي على الفساد في المعاملات مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة التي هي مفاده فيها ، ولا ينافيه ثبوت الملازمة بين الفساد والحرمة فيما لا تكون الحرمة مستفادة من اللفظ والصيغة كالإجماع القائم على حرمة عبادة أو معاملة ، لإمكان أن يكون النزاع مع ذلك في دلالة الصيغة بما تعمّ دلالتها بالالتزام.
ولكن ذهب كثير من الأعاظم إلى أنّها عقليّة وذهب في تهذيب الاصول إلى أنّ المسألة ليست عقليّة محضة ولا لفظيه كذلك. فالأولى تعميم عنوانه ليشتمل العقلي واللّفظي.
أقول أوّلاً : إنّ المسألة ليست لفظيّة قطعاً بل هي عقليّة لأنّ موضوع البحث فيها هو دلالة النهي التكليفي المولوي على الفساد لا الإرشادي ، لأنّ النواهي الإرشاديّة في باب المعاملات ( كقوله عليهالسلام « نهى النبي عن بيع الغرر » أو قوله « نهى النبي عن بيع الخمر » أو قوله « لا تبع ما ليس عندك » ) لا إشكال في دلالتها لفظاً على الفساد ، وأمّا النهي المولوي كما إذا نذر بأن لا يأتي