في الآثار والأنظار كما يظهر من بعض كلماتهم.
ثمّ إنّه هل الصحّة والفساد من الامور الواقعيّة ، أو من الامور المجعولة بالأصالة أو بالتبع ، أو أنّها من الامور الانتزاعيّة ، أو لا بدّ من التفصيل بين العبادات والمعاملات وأنّهما من الامور المجعولة في العبادات دون المعاملات؟ فيحتمل كونهما من الامور الواقعيّة ، كما يحتمل كونهما من الامور المجعولة بالأصالة كالملكية والزوجيّة ومنصب القضاء والولاية ونحوها من الامور التي تنالها يد الجعل مستقلاً وبالأصالة ، كما ورد في الحديث : « فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً ( أو حاكماً ) » ويحتمل أيضاً كونهما من الامور المجعولة بالتبع كالجزئيّة والشرطيّة في أجزاء المأمور به وشرائطه حيث إنّهما تجعلان بتبع تعلّق الأمر بالجزء أو الشرط ، فلم يقل الشارع : « أنّي جعلت الركوع مثلاً جزءً » بل استفدنا جزئيته من قوله « اركع » ، ويحتمل أيضاً كونهما من الامور الانتزاعيّة التي لا وجود لها في الخارج بل الموجود فيه إنّما هو منشأ الانتزاع كالفوقيّة والتحتية.
والحقّ في المقام بناءً على ما مرّ من تعريف الصحّة والفساد بترتّب الأثر المترقّب من الشيء وعدمه أن يقال : إن كان المراد من الأثر الملحوظ في التعريف هو المصلحة والمفسدة فلا إشكال في أنّهما حينئذٍ أمران واقعيّان لا تنالهما يد الجعل لأنّ المصالح والمفاسد امور واقعية ، وإن كان المراد من الأثر سقوط التكليف والمأمور به فبالنسبة إلى الأوامر الواقعيّة إنّهما أمران انتزاعيان ينتزعان من مطابقة المأتي به للمأمور به وعدم مطابقته له ، وأمّا بالنسبة إلى الأوامر الظاهريّة فهما من الامور المجعولة الاعتباريّة حيث إنّ الصحّة حينئذٍ عبارة عن جعل الشارع الإجزاء للأوامر الظاهريّة ، والفساد عبارة عن جعل الشارع عدم الإجزاء لها ، هذا كلّه بالنسبة إلى العبادات.
وأمّا في المعاملات فإن كان المراد من الأثر المفسدة والمصلحة فلا إشكال أيضاً في كونهما فيما من الامور الواقعيّة ، وإن كان المراد من الأثر ما يترتّب على العقود والايقاعات من الآثار كالملكية والزوجيّة فلا إشكال أيضاً في كونهما أمرين مجعولين ، لأنّ الزوجيّة مثلاً تجعل من جانب الشارع أو العقلاء بعد إجراء العقد.
هذا كلّه بناءً على المختار في تعريف الصحّة والفساد.
وأمّا بناءً على مبنى القائلين بأنّهما عبارة عن المطابقية واللامطابقية فمن المعلوم أنّهما في