النهي عن السبب ، فلا دليل فيه على الفساد لعدم كون المسبّب فيه مبغوضاً عند الشارع على الفرض بل المبغوض فيه إنّما هو أمر آخر خارج عن المسبّب كوصف المزاحمة للصّلاة في قوله « لا تبع وقت النداء ».
ثمّ إنّه أجاب في تهذيب الاصول عن مقالة الشّيخ الأعظم رحمهالله بأنّ « ما ذكره رحمهالله من ـ أنّ جعل السبب بعيد مع مبغوضيّة متعلّقه ـ غير مجد لأنّ الجعل لم يكن مقصوراً بهذا المورد الخاصّ حتّى يتمّ ما ذكره من الاستبعاد بل الجعل على نحو القانون الكلّي الشامل لهذا المورد وغيره ، نعم اختصاص المورد بالجعل مع مبغوضيّة مسبّبه بعيد » (١).
ولكن قد مرّ كراراً أنّ الحقّ هو انحلال الأحكام القانونيّة الكلّية بعدد مصاديقها وأفرادها ، فينحلّ إمضاء الشارع في قضيّة « أحل الله البيع » مثلاً إلى إمضاءات متعدّدة بعدد أفراد البيع ، فيشمل إمضائه مثل بيع المصحف من الكافر وحيث إنّه منافٍ للحكمة بالبيان المزبور فنستنتج عدم شمول إمضائه لمثل هذا المورد.
أمّا القسم الثالث : فأيضاً يدلّ النهي فيه على الفساد لنفس ما مرّ في القسم الثاني ، فإنّ إمضاء الشارع الحكيم إيجاد معاملة بسبب خاصّ مع كون التسبّب به مبغوضاً عنده ، ينافي حكمته.
أمّا القسم الرابع : فلا إشكال ولا خلاف في دلالة النهي على الفساد فيه أيضاً لأنّ مبغوضيّة الأثر وكونه سحتاً مثلاً عند المولى في مثل « ثمن العذرة سحت » يدلّ بالانّ على الفساد عرفاً فإنّ لازم حرمة الأثر والنتيجة عند العرف بقاء الثمن في ملك المشتري ، وهذا من قضايا قياساتها معها ، ولذلك نرى كثيراً ما تعبّر الشارع عن بطلان معاملة لا خلاف في بطلانها بلسان حرمة النتيجة.
بقي هنا شيء :
وهو ما أفاده وإدّعاه في هامش أجود التقريرات من أنّ حرمة المعاملة لا تدلّ على فسادها مطلقاً وإنّه لا سببية في باب إنشاء العقود والايقاعات أصلاً وأنّه لا معنى لأنّ يكون النهي
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، طبع مهر ، ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣.