عبارة عن إيجاد أمر عقلائي واعتباره بأسبابه الخاصّة ، وليس من قبيل الإظهار.
وثانياً : ما مرّ آنفاً من وجود ملازمة عرفيّة عقلائيّة ( لو لم تكن عقليّة ) بين النهي عن الاعتبار القائم بالمتبايعين وبين عدم إمضائه وإن أمضاه المتعلّق مع كونه مبغوضاً يخالف الحكمة عند العقلاء.
إلى هنا تمّ البحث بحسب ما يقتضيه العقل وبناء العقلاء.
وأمّا بحسب الأدلّة النقليّة فإنّ هناك روايتين ربّما يستدلّ بهما على عدم دلالة النهي على الفساد ، ( وقد وردتا في باب عدم نفوذ نكاح العبد من دون إذن مولاه وإنّ صحّته موقوفة على إجازته ) وذهب جماعة منهم المحقّق الخراساني رحمهالله إلى عدم دلالتهما لا على الفساد ولا على الصحّة ، وادّعى بعض دلالتهما على الصحّة :
إحديهما : ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال سألته عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده فقال : « ذاك إلى سيّده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما » قلت : أصلحك الله إنّ الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا تحلّ إجازة السيّد له ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيّده فإذا أجازه فهو له جائز » (١). ( وهي معتبرة سنداً ).
ثانيتهما : ما رواه زرارة أيضاً عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن رجل تزوّج عبده امرأة بغير إذنه فدخل بها ثمّ إطّلع على ذلك مولاه قال : « ذاك إلى مولاه إن شاء فرّق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما فإن فرّق بينهما فللمرأة ما أصدقها ... وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأوّل » فقلت لأبي جعفر عليهالسلام : فإنّ أصل النكاح كان عاصياً فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّما أتى شيئاً حلالاً وليس بعاص الله ، إنّما عصى سيّده ولم يعص الله إنّ ذلك ليس كإتيان ما حرّم الله عليه من نكاح في عدّة وأشباهه » (٢). ( وهي غير معتبرة من ناحية السند لمكان موسى بن بكر ).
فاستدلّ بقوله عليهالسلام « إنّما عصى سيّده ولم يعص الله » لدلالة النهي على الفساد بدعوى أنّ مفهومه فساد النكاح لو كان عصى الله ووجود الملازمة بين عصيان الله في المنهي عنه وفساده ،
__________________
(١) وسائل الشيعة : أبواب نكاح العبيد والاماء الباب ٢٤ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ح ٢.