تتعلّق بالعبادة الجامعة لجميع الشرائط حتّى قصد القربة كما مرّ في بعض الأبحاث السابقة ، فمعنى قوله عليهالسلام « لا تصلّ في أيّام اقرائك » « لا تصلّ صلاة كنت تأتين بها قبل أيّام العادة » أي الصّلاة الجامعة لجميع شرائط الصحّة.
هذا ـ مضافاً إلى كونه مقتضى ما اخترناه في مبحث الصحيح والأعمّ من أنّ الألفاظ الشرعيّة وضعت للصحيح وما يكون مبدأً للآثار ، حيث إنّه يقتضي كون متعلّق النهي تلك العبادة الجامعة لتمام شرائط الصحّة ، نعم يستلزم النهي سلب القدرة عن إتيانها ، وبعبارة اخرى : النهي يتعلّق بالعبادة الفعليّة قبل النهي لا بعده.
وبهذا يظهر أنّ دلالة النهي على الفساد ـ أي بطلان كلام أبي حنيفة والشيباني في باب العبادات ـ ليست متوقّفة على عدم كون المراد من الصحيح الصحيح من جميع الجهات وعلى عدم كون المراد من الصحّة هو الصحّة الفعليّة كما ذهب إليه جماعة من الأعلام بل النهي يدلّ على الفساد في باب العبادات ولو كان المراد من الصحّة الصحّة الفعليّة لأنّ المقصود منها الفعليّة قبل النهي لا بعده كما مرّ آنفاً.
الأمر الثاني : أنّه قد مرّ شمول النزاع في المسألة للأعمّ من النهي التحريمي والتنزيهي ، ونتيجته دلالة النهي على الفساد مطلقاً حتّى إذا كان تنزيهياً لأنّه الوجه في دلالته على الفساد وجود الملازمة بين المبغوضيّة وعدم الإمضاء من جانب الشارع ، ولا إشكال في أنّ النهي التنزيهي أيضاً يدلّ على مبغوضيّة متعلّقه ولو كانت بدرجة أقلّ من التحريمي.
وإن شئت قلت : لا بدّ لكون العبادة مقرّبة من أن يكون العمل محبوباً ، والنهي التنزيهي دالّ على عدم كون المتعلّق محبوباً على الأقلّ وإن لم يكن دالاً على كونه مبغوضاً.
إن قلت : فكيف الحكم بصحّة العبادات المكروهة؟
قلنا : قد مرّ البحث مستوفى عن العبادات المكروهة وأنّ الكراهة فيها ليست هي الكراهة المصطلحة فراجع.
هذا بالنسبة إلى العبادات ، وأمّا المعاملات فلا دليل على دلالة النهي التنزيهي فيها على الفساد كالنهي عن بيع الأكفان والنهي عن تلقّي الركبان ، حيث إنّ المفروض جواز العمل المكروه في الكراهة المصطلحة من ناحية الشارع ، فكيف تلازم عدم الإمضاء من جانبه؟ وكيف تكون منافية للحكمة بعد ملاحظة عدم اعتبار قصد القربة في المعاملات؟ حيث لا