مورد النظر هو المعاملات العقلائيّة المعتدّ بها لولا نهي الشارع عنها ، أعني العقد المتوقّع منه ترتّب الأثر والمسبّب عليه (١).
أقول : مقصوده أنّ النهي يتعلّق بالسبب بما هو سبب وبوصف السببيّة لا بذات السبب ، فلا وجه للتفريق بين النهي عن السبب والنهي عن المسبّب أو التسبّب في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله.
ولكن يرد عليه : أنّ لازم هذا رجوع النهي عن السبب إلى النهي عن المسبّب أو النهي عن التسبّب ، وهو خلاف التقسيم المفروض في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله.
وكيف كان ، فالحقّ عدم دلالة النهي على الصحّة مطلقاً بل غاية ما يدلّ عليه إنّما هو صحّة العمل المنهي عنه لولا تعلّق النهي به ، وهذا يكفي في الخروج عن محذور تحصيل الحاصل ومحذور تعلّق النهي بأمر غير مقدور ، وذلك لأنّ الشارع يسلب القدرة عن المكلّف تعبّداً بنهيه عنه نظير ما يلاحظ في باب النذر فيما إذا تعلّق بترك عبادة مكروهة مثلاً ، حيث إنّ الناذر يسلب القدرة عن نفسه تعبّداً وشرعاً لا تكويناً وخارجاً ، وفي ما نحن فيه إذا نهى الشارع المقدّس عن بيع المصحف من الكافر فقد سلب عن المكلّف القدره الشرعيّة على البيع التي كانت له قبل النهي ، والذي تقتضيه حكمة الشارع الحكيم إنّما هو صحّة المعاملة لولا تعلّق النهي وقبل تعلّقه ، وأمّا بعد تعلّقه فالحكمة تقتضي عقلاً أو عقلائيّاً الفساد لوجود الملازمة بين المبغوضيّة المستفادة من النهي والفساد عند العرف والعقلاء كما مرّ.
وبعبارة اخرى : عدم دلالة النهي على الفساد مستلزم للغويّة لا أنّ عدم الفساد مستلزم لها ، لاقتضاء الحكمة العقلائيّة أن يكون المبغوض فاسداً.
ثمّ إنّ المصرّح به في كلمات جماعة من المحقّقين ومنهم المحقّق الخراساني والمحقّق النائيني رحمهما الله أنّ متعلّق النهي في العبادات ليس هو العبادة الفعليّة أي العبادة الصحيحة من جميع الجهات بل إنّما يتعلّق النهي بشيء لو تعلّق الأمر به لكان أمراً عباديّاً ، فإنّ الشرائط الآتية من قبل الأمر خارجة عن المدلول بل مطلق الشرائط على التحقيق كما صرّح به في تهذيب الاصول (٢).
أقول : إنّ الظاهر من النواهي المتعلّقة بالعبادات كالنهي عن الصّلاة في أيّام العادة أنّها
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، من طبع مهر.
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٦ ، من طبع مهر.