دلالته عليها مطلقاً سواء في المعاملات والعبادات ، وحكي عن فخر المحقّقين موافقته لهما بل وافقهما المحقّق الخراساني رحمهالله في بعض شقوق المعاملة وفي تهذيب الاصول في جميعها ، ولكن خالفهما المشهور ، والحقّ أنّ كلامهما هذا ساقط عن الاعتبار مطلقاً كما سيأتي بيانه.
وكيف كان فهيهنا ثلاثة أقوال : دلالة النهي على الصحّة مطلقاً ، وعدم دلالته عليها مطلقاً ، والقول بالتفصيل ، أي دلالته عليها في الجملة.
أمّا القول الأوّل : فاستدلّ له بأنّ النهي لا يصحّ إلاّعمّا يتعلّق به القدرة ، والمنهي عنه هو وقوع المعاملة مؤثّرة صحيحة ، فلو كان الزجر عن معاملة مقتضيّاً للفساد للزم أن يكون سالباً لقدرة المكلّف ، ومع عدم قدرته يكون لغواً ، فلو كان صوم يوم النحر والنكاح في العدّة مثلاً ممّا لا يتمكّن المكلّف من إتيانهما كان النهي عنهما لغواً لتعلّقه بأمر غير مقدور.
وإن شئت قلت : أنّ الانزجار عن الفعل المنهي عنه حاصل لعدم القدرة عليه ، فالنهي عنه حينئذٍ تحصيل للحاصل.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني رحمهالله بالتفصيل بين ما إذا كان النهي في المعاملات عن المسبّب أو التسبّب ، فيدلّ على الصحّة لاعتبار القدره في متعلّقه عقلاً كالأمر وإنّه لا يكاد يقدر على المسبّب أو التسبّب إلاّفيما إذا كانت المعاملة مؤثّرة صحيحة ، وبين ما إذا كان النهي فيها عن السبب فلا يدلّ على الصحّة لأنّ المكلّف قادر على السبب ، أي على إجراء الصيغة على أيّ حال : سواء كان صحيحاً أو فاسداً.
هذا كلّه في المعاملات وأمّا العبادات فقد قسّمها إلى قسمين :
أوّلهما : ما كان منها عبادة ذاتيّة كالركوع والسجود ممّا لا تحتاج عباديتها إلى تعلّق أمر بها ، فذهب إلى كونها مقدورة صحيحة ولو مع النهي عنها كما إذا كانت مأموراً بها لأنّ عباديتها لا تتوقّف على تعلّق الأمر به لكي لا يمكن تحقّقها إذا تعلّق النهي بها ولم تكن مأموراً بها.
ثانيهما : ما كان منها عبادة لتعلّق الأمر بها ولاعتبار قصد القربة في عباديتها فذهب في هذا القسم إلى عدم كونه مقدوراً مع النهي عنه لأنّ المبغوض لا يكون مقرّباً فيدلّ النهي فيه على الفساد.
وأورد عليه في تهذيب الاصول توجيهاً لقول أبي حنيفة والشيباني بأنّ مورد نظرهما ليس نفس السبب بما هو فعل مباشري إذ ليس السبب متعلّقاً للنهي في الشريعة حتّى يبحث عنه بل