من غير تقييد بكونها خارجيّة أو ذهنية.
إن قيل : ينتقض كلامهما بقولك : « اصلّي في هذا المسجد » إذا كنت جالساً فيه لأنّه في مثل هذه الحالة لا حاجة إلى ضمّ الإشارة بالحسّ أو الذهن بل يكتفي بلفظ « هذا المسجد » فحسب.
ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ المسجد في هذا المثال حاضر في الذهن فيشار إليه أيضاً بالإشارة الذهنيّة ، نعم يرد عليهما ما سيتّضح لك في بيان المختار في المقام فانتظر.
القول الثالث : ما في تهذيب الاصول وحاصله : إنّ ألفاظ الإشارة وضعت لايجاد الإشارة فقط.
وبعبارة اخرى : إنّ ألفاظ الإشارة تقوم مقام الإشارة بالاصبع وإشارة الأخرس ، فكما أنّه بإشارة الاصبع توجد الإشارة كذلك بلفظ « هذا » مثلاً ، ولذلك يقوم أحدهما مقام الآخر ، فالموضوع له في كلّ واحد منهما نفس الإشارة ، وعلى هذا فيندرج تلك الألفاظ في باب الحروف ولا استقلال لها لا في الذهن ولا في الخارج ، فكما لا تدلّ كلمة « من » أو « إلى » على معنى مستقلّ ، كذلك كلمة « هذا » فلا تدلّ على معنى كذلك ، فألفاظ الإشارة في الحقيقة حروف لا أسماء ، ثمّ أورد على نفسه إنّه كيف تترتّب عليها الآثار الاسميّة نحو وقوعها مبتدأ أو فاعلاً أو مفعولاً؟ وأجاب عنه بأنّ المبتدأ وشبهه في هذه الموارد ليس لفظ « هذا » مثلاً ، بل هو في الواقع المشار إليه الموجود في الذهن ، فيكون من القضايا التي تركّبت من أمر ذهني وأمر خارجي (١). ( انتهى ).
ويرد عليه ما سيأتي في مقام بيان المختار أيضاً.
المختار في معنى أسماء الإشارة وبيانه يحتاج إلى تقديم امور :
الأوّل : أنّ حقيقة الإشارة تعيين شيء من بين الأشياء المتشابهة في الخارج كما لا يخفى.
الثاني : أنّ لكلّ من الإشارة الحسّية والإشارة اللّفظيّة نقصاً لا يكون للآخر ، فالإشارة الحسّية لا تدلّ على الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث بخلاف الإشارة اللّفظيّة ، كما أنّ اللّفظيّة لا يتعيّن ولا يتشخّص بها المشار إليه بخلاف الحسّية ، ولذا تضمّ إلى الإشارة اللّفظيّة
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٧ ـ ٢٨ طبع مهر.