وتُشعث أولادها وتدهنني ، واللّه لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ، ثمّ تجنيه ـ رضياللهعنها ـ فإذا خرجوا بنو عمّي تناولني ذلك ؛ ثمّ نهض عليهالسلام فأخذ في جهازها وكفّنها بقميصه صلىاللهعليهوآله ، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما ويتأنّى في رفع الآخر ، وهو حافي القدم ، فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرة ، ثمّ لحّدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ، ولقّنها الشهادة.
فلمّا اُهيل عليها التراب (١) وأراد الناس الإنصراف ، جعل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول لها : إبنكِ ، إبنكِ ، إبنكِ ، لا جعفر ، ولا عقيل ، إبنكِ ، إبنكِ : علي بن أبي طالب.
قالوا : يارسول اللّه! فعلت فعلاً ما رأينا مثله قطّ ، مشيك حافي القدم ، وكبّرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها ، وقميصك عليها ، وقولك لها : إبنكِ ، إبنكِ ، لا جعفر ، ولا عقيل.
فقال صلىاللهعليهوآله : أمّا التأنّي في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة فلكثرة إزدحام الملائكة ، وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة فإنّها صلّى عليها سبعون صفّا من الملائكة ، وأمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرتُ في حال حياتها ضغطة القبر فقالت : واضعفاه! فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك ، وأمّا تكفيني لها بقميصي فإنّي ذكرت لها في حياتها القيامة وحشر الناس عراةً فقالت : واسوأتاه! فكفّنتها به ، لتقوم يوم القيامة مستورة ، وأمّا قولي لها : إبنكِ ، إبنكِ ،
__________________
(١) إهالة التراب : صَبُّه.