وجاؤوا إلى شروان ومضوا من دربند ، فاتفقوا مع القفچاق بداعي أنهم منهم وسحقوا اللان. وحينئذ وبعد سحق اللان وتحققهم من ضعف القفچاق تحاربوا معهم وعادوا ظاهرين. وعلى هذا اكرمهم جنگيزخان بإنعامات كبرى (١) ...
وفاة خوارزمشاه محمد :
أما خوارزمشاه فإنه حين وصل القلعة المذكورة مرض بذات الجنب في الجزيرة الكائنة في البحر فأقام بها طريدا لا يملك طارفا ولا تليدا ، والمرض يزداد حتى توفي سنة ٦١٧ ه ١٢٢١ م (٢).
وكانت مدة ملكة ٢١ سنة وشهورا تقريبا. اتسع ملكه وعظم محله وأطاعه القاصي والداني ولم يملك بعد السلجوقيين أحد مثله فإنه ملك من حد العراق إلى تركستان وملك بلاد غزنة وبعض الهند وملك سجستان وكرمان وطبرستان وجرجان وبلاد الجبال وخراسان وبعض فارس وفعل بالخطا الأفاعيل العظيمة وملك بلادهم ، وكان فاضلا عالما بالفقه والأصول وغيرهما ، وكان مكرما للعلماء محبا لهم محسنا إليهم ، يكثر مجالستهم ومناظراتهم بين يديه ، وكان صبورا على التعب وإدمان السير غير متنعم ولا مقبل على اللذات ، إنما همه في الملك وتدبيره وحفظه وحفظ رعاياه ، وكان معظما لأهل الدين ، مقبلا عليهم متبركا بهم ...
وهذه خصال عددها ابن الأثير وهي كافية لبيان مكانة الرجل ومقدرته ، وأقول إنه لم يدخر وسعا في تدبير المملكة ، ولو لم يقتل التجار والسفراء ولم يعاملهم بهذه المعاملة القاسية واتخذ الطريقة التي
__________________
(١) شجرة الترك وابن الأثير ص ١٤٣».
(٢) تاريخ أبي الفداء وسيرة المنكبرتي ص ٤٨.