رأي ابن الأثير في اتهام الخليفة :
ومهما كانت الروايات فإن الذي دعا لهذه النفرة والاشتباه من هؤلاء القوم (جنگيزخان وقومه) وصول سفير الخليفة الناصر لدين الله العباسي يغريه على القيام ومناصرة الخليفة له ويروى أنه لم يقبله أو تظاهر بذلك. وقد شاعت هذه القضية حتى أن ابن الأثير لم يستطع كتمانها وهو يدون التاريخ لذلك الحين وإنما قص قضية قتل التجار ونهب أموالهم وأن ذلك هو السبب وقال : «وقيل في سبب خروجهم إلى بلاد الإسلام غير ذلك مما لا يذكر في بطون الدفاتر :
فكان ما كان مما لست أذكره |
|
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر» انتهى |
فتراه يخشى من تدوينه في بطون الدفاتر كما أن في قوله (فكان ما كان مما لست أذكره) تأييدا لصحة هذه الشائعة وترجيحا لصدقها وإن لم يبينها. والكناية أبلغ من التصريح في مثل هذا المقام ... ومنها يتبين أن مهمة رسول الخليفة هي حث جنگيزخان على الخروج على خوارزمشاه ...
وجاء في ابن السبكي ما يوضح ذلك قال : «وكان السلطان الأعظم للمسلمين ـ أيام جنگيز ـ هو السلطان علاء الدين خوارزمشاه محمد بن تكش ... اتسعت ممالكه وعظمت هيبته وأذعنت له العباد ودخلت تحت حكمه ، وخلت الديار من ملك سواه ... فتجبر وطغى وأرسل إلى خليفة الوقت الناصر لدين الله الذي لا يصطلى لمكره بنار ، ولا يعامل في احواله بخداع يقول له : كن معي كما كانت الخلفاء قبلك مع سلاطين السلجوقية ... فيكون أمر بغداد والعراق لي ولا يكون لك إلا الخطبة فيقال ـ والله أعلم ـ إن الخليفة جهز رسله