__________________
«ويقال إنه هو الذي كاتب (التتار) ، وأطمعهم في أخذ البلاد بسبب ما كان بينه وبين خوارزمشاه من العداوة» ا ه.
ونرى الجويني قد أوضح صفحة أخرى تشير إلى ما وراءها ، فبين أن الخليفة الناصر بسبب الوحشة بينه وبين خوارزمشاه كان يكاتب ملوك قرا خطا دائما ، ويطير لهم الأخبار في دفع السلطان محمد (خوارزمشاه) ، وكذا يراسل سلاطين الغورية ، ويبعث إليهم القصاد ، فظهر للسلطان محمد نوايا الخليفة ، ووقف على ما جرى ... وأن مكاتبات الخليفة تشتمل على الإغراء والتحريض على السلطان ، وكان يستمد بجيوش الخطا ، ولكن السلطان لم يقدر أن يقف على سرّ ذلك حتى أن جلال الدين حسن كان قد أظهر الإسلام لمصلحة ، وقبل الخليفة منه ذلك ، فشاع أمره ، ولتقوية هذه الشائعة ذهب إلى الحج ... وغرض الخليفة أن يوجه وضعه في صحة مناصرته على سلطان خوارزم ... فلما علم السلطان بذلك تأثر كثيرا ولم يقف الخليفة الناصر عند حدود ذلك وإنما رتب فدائيين عليه ... وكذا على أمير مكة لما كان بينه وبينه من العداء ...
وذلك كله ما دعا خوارزمشاه أن لا يعترف بإمامة الخليفة الناصر ... وقد أطنب الجويني في ذلك ، وذكر محاولاته في نصب إمام غيره من آل علي ، ونزع الخلافة منه ، كان يعده مخالفا لشرط الإمامة ، ولم يكن من أولاد علي ... (جهانكشاي جويني ج ٢ ص ١٠).
والمؤرخون الآخرون ومنهم صاحب شجرة الترك يوضحون ورود رسل الخليفة إلى جنگيز ، وأنه لم يقبلهم ظاهرا ليبدي أنه مخلص لخوارزمشاه ... فلم ينفرد ابن الأثير في هذه الرواية على أنه عبّر عنها ب (قيل) ولم يقطع فيها ... فلا يقال إنه كان يميل إلى ترويج سياسة أتابكة الموصل ، كما لا يصح أن يسند إلى ابن أبي عذيبة هذا الإسناد. ومثل هذه الاتفاقات لا تظهر لكل أحد ، وإنما تجري في الخفاء.
وفي أيامنا هذه ، وعصورنا الحاضرة لا تعرف بعض الاتفاقات الدولية بل تبقى مكتومة حتى يحصل ما يدعو لانكشافها وإعلانها لأسباب خاصة أو قاهرة ...
والمعاصرون للمغول ، ومن بعدهم ذكروا الحادث ، وأكدوا شبهته بتفصيلات وتوضيحات تناقلوها ، ونحن في هذه يجب أن نعين كافة الصفحات ونشير إلى ما شاع ... والخلاف بين الناصر والخوارزمية واقع ، ويعدّ من مؤيدات التهمة ..