الحضارة والثقافة
لا يسع الآن التبسط ، والبحث عن موضوع (التاريخ العلمي والأدبي) وقد أفردناه على حدة. وهنا أقول إن القطر العراقي بعد أن فقد استقلاله ، وزال عنه الطابع الإسلامي ولو صورة ، وبعد أن صار نهبا بيد الفاتحين لم يبق بيده ما يعول عليه ، أو يركن إلى قوته سوى الأوقاف الإسلامية. وهذه كانت في عهدها العباسي مكينة ، وتسابق الأهلون ورجال الدولة إلى أعمال البر لتقوية الثقافة ، وتنمية الصلاح بمقاييس واسعة جدا ...
ولما لم يتعرض الفاتح للمؤسسات الدينية أيام احتلاله كان من نتائج ذلك الاحتفاظ بالمعارف والعلوم ومن أوضح ظواهرها المدارس الكبرى مثل المستنصرية والنظامية والبشيرية ... والرباطات ومشيخاتها ... فصارت خير واسطة للم الشعث واستبقاء الحضارة ... مما دعا أن ينبغ كثيرون ذاعت شهرتهم وطبقت الآفاق ...
ترجمنا مختصرا بعض المشاهير إلا أن الموضوع ليس محل بيان مناهجهم العلمية ، وما أحدثوه من آثار ... وبين هؤلاء المتكلمون ، والحقوقيون أي الفقهاء الذين لا تزال كتبهم المعول عليها ، والأطباء ، واللغويون والمؤرخون ، والخطاطون ، والموسيقيون ، والشعراء والأدباء والمجّان ... وهكذا يقال عن الزهاد والصوفية والمتصوفة وقد اشتهر منهم كثيرون ...
والمدارس كانت ادارتها مودعة إلى رجالات العراق وغالب أيامها إلى قاضي القضاة أو إلى صدر الوقوف ينظر فيها وفي المعاهد الخيرية والدينية ... ولم يستول على أوقافها غيرهم فيتولى ادارتها وتعهد إليه صدارة الوقوف إلا مدة يسيرة .. وفي هذا أيضا لم يهمل شأنها ولا أودعت إلى من هو غريب عن الإسلامية أو اجنبي عنها ... فكانت