الوباء :
ثم وقع أثر ذلك الوباء في من تخلف بعد القتل من شم روائح القتلى وشرب الماء الممتزج بالجيف والعفونات الأخرى ... وكان الناس يكثرون من شم البصل لقوة الجيفة وكثرة الذباب فإنه ملأ الفضاء وكان يسقط على المأكولات فيفسدها.
وكان أهل الحلة والكوفة والمسيب يجلبون إلى بغداد الأطعمة فانتفع الناس بذلك وكانوا يبتاعون بأثمانها الكتب النفيسة وصفر المطٹم وغيره من الأثاث بأبخس ثمن. فاستغنى بهذا الوجه خلق كثير (١).
الأمة الفاتحة وروحيتها ، أو التعريف بجنگيزخان وقومه
ولما كان هذا الهجوم الأخير من قبل هلاكو نتيجة التزام الخطة التي صمم جنگيز وأعقابه على المضي بمقتضاها ، وأنه تقدمته هجومات أخرى إلى أن قام هلاكو بهجومه هذا اقتضى التعريف بجنگيزخان وقومه وما راعاه من الخطة لاستخدام أمته وقيادته لها تنفيذا لما قام به من مقدمات عسكرية وهجومات أخرى على الانحاء المجاورة لبغداد بقصد التزام الجيش العراقي مدة طويلة لمحافظة الثغور بقوة كافية مما أدى إلى بذل عظيم ومصارف باهظة لا يتيسر القيام بها لحكومة مثل حكومة بغداد وحالتها على ما سيوصف فذلك كان إضعافا لها وتشويشا لإدارتها ... وقبل الكلام على ذكر توالي الهجومات ومبادىء الهجوم الأخير واطراد هذه لزم أن نعلم روحية الأمة الفاتحة والإطلاع على أساس (حكومة جنگيز).
__________________
(١) ابن الفوطي ص ٢٦٤.