عنها وهم أشبه بالموتى لما نالهم من الخوف والجوع والبرد ...
حقن دماء الأطراف :
وأما أهل الحلة والكوفة فإنهم نزحوا إلى البطائح بأولادهم وبما قدروا على حمله من أموالهم. وحضر اكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين ابن طاوس العلوي إلى السلطان (هلاكو) وسألوا حقن دمائهم فأجاب سؤالهم وعين لهم شحنة فعادوا إلى بلادهم وأرسلوا إلى من في البطائح من الناس يعرفونهم ذلك فحضروا بأهليهم وأموالهم. وجمعوا مالا عظيما وحملوه إلى السلطان هلاكو فمنّ عليهم بنفوسهم.
وأما واسط فإن الأمير بغاتمر (١) انحدر إليها بعساكره وانتهى فيها إلى قريب البصرة فقتل ونهب وسبى. وكان الولاة والنقباء وأكابر الناس قد انحدروا بأهليهم وأموالهم إلى البطائح فسلموا.
عدد القتلى :
قيل أن عدد القتلى ببغداد زاد عن ثمانمائة ألف نفس عدا من ألقي من الأطفال في الوحول ومن هلك في القنى والآبار والسراديب فمات جوعا وخوفا وهذه الرواية لم يقطع فيها ابن الفوطي ولذا عبّر عنها بقيل. ولعلها بناء على أن السكان كثيرون ولم يبق منهم إلا القليل فلم يلاحظ من فروا وانحدروا إلى الانحاء الأخرى. وعلى القول الراجح أنهم يبلغون نحو ثمانين الفا كما في تاريخ مصلح الدين اللاري نقلا عن گلشن خلفا ولا عبرة بقول من أبلغهم إلى ألفي ألف أو إلى ثلاثة آلاف ألف فالمبالغة ظاهرة جدا (٢).
__________________
(١) وتلفظه الصحيح بوقاتيمور. ر : «شجرة الترك».
(٢) ر : تاريخ الخلفاء للسيوطي وغيره امثاله ...