الصاحب قد عفا عنك وأمر بتخليصك من الحديد على أن يقطع لسانك فإن آثرت ذلك فأخرج لسانك لنقطعه فأخرجه فوضعوا فيه مسلة فامتنع من الكلام. وما زالوا يعذبونه بمد الحجلة واضطرابها إلى آخر النهار ثم قطع رأسه ووضع مكانه رأس معز بأسلحته وطيف به وأحرق العوام جثته ورفع رأسه على خشبة وطيف به.
ثم إن ابن أرغش أحضر رجلا من العرب وأعطاه كتبا ملصقة وأشار إليه ان يقول هذه سلمها إلى صاحب الديوان. فلما قال ذلك اخذ وحبس. أما الكيباية فإنه قال إن فخر الدين بغدي بن قشتمر كان أيضا من جملة الجماعة الذين اتفقوا على المكاتبة مع ابن ارغش فأحضر وسئل عن ذلك فأنكر فوكل به فقال الكيباية إن العدل جمال الدين أحمد ابن عصية هو كان يكتب عن بغدي فأحضر وسئل فأنكر فوكل به.
ثم إن الصاحب عرف صدق العدل وبراءة ساحته فأفرج عنه وخلع عليه وتقدم له بمال ولم يزل الكيباية والبدوي في السجن إلى أن توجه الصاحب إلى الأردو المعظم وأخذ بهما صحبته وقتلا هناك. وفي هذه وسوابقها لسان حاله يقول : «وكم مثلها فارقتها وهي تصفر».
ظهور مفسدين ببغداد :
وفي هذه السنة ظهر ببغداد صبيّان من الشطار يعرف أحدهما (بابن الحماس) والآخر (بالتاج الكفني) وانضم إليهما جماعة من الجهال وقويت شوكتهم وانتشر ذكرهم فأعمل صاحب الديوان الحيلة حتى احضر ابن الحماس إليه وعين عليه واليا في الشرطة فبقي على ذلك أياما واستعفى فعفاه وجعله ملازما باب داره ثم أشار إليه بإحضار التاج الكفني فأحضره وطيب قلبه وجعله رفيقا له فكبس جماعة من اهل الحلة بباب الصاحب في بعض الليالي عليهما فلم يظفروا بهما ولا يمكن الصاحب من تحصيلهم.