ومن نظر إلى الحالة الاجتماعية عندنا آنئذ وسوء الوضع وتذبذب الإدارة وما يعاني الأهلون من جراء
المنازعات وتعدد الحكومات وانحلال ما بينها والشؤون الداخلية وما يجري فيها أو ما يتحمله الأهلون بل والمخالفون من المضض والعناء ، والتزام وجهة (خطة) مطردة لا تقبل أي تطور وتبدل ... تيقن أنها سريعة الزوال وإن كانت الأسس في الأصل قويمة فهي سائرة إلى الانحلال وإن كانت الأركان عزيزة وفاضلة ...!!
أمة الترك أو حالة الأمة الفاتحة
التواريخ والأمم أو دراسة تاريخية :
إن التواريخ القديمة لم تجعل في الغالب قيمة للأمم لا في الفتوح ولا في الاكتشافات ولا في غيرها ... وإنما نسبت ذلك كله وغيره للملوك وأعاظم الرجال ممن كانت لهم مكانة تاريخية باعتبار أنهم المسيرون للأمة والناهضون بها ولم يراجع التاريخ ويعدل به عن هذه الفكرة إلا بعد تجارب مرة وآماد طويلة ... فصارت تلاحظ منزلة العظيم في استفادته من هذه القوة ـ قدرة الأمة ـ واستخدامه إياها لما أعد نفسه لأجله بحيث تمكن من قيادتها ...
مضت أدوار طائلة على هذا الترتيب حتى الأيام الأخيرة وحينئذ نالت الأمم مكانتها التاريخية واستعادت قدرتها المادية والمعنوية ... فصار يستطلع رأيها في أكثر الأمور ويدقق الحادث الكبير (بظهور الفاتح أو العظيم) في أنه إنما حصل له ما حصل بتوجيهه استقامة الأمة وتعيين منهاج لها في سيرها التاريخي لما أحسّ به من الضرورة لقيامها ونهوضها ...
فاليوم تدقق الأمم باعتبار قوتها ومناعتها ووحدتها وصلاح مبدئها