بدمه وعقدها وشواها بالنار فكانت طعامه فعاد إلى أطرار (أو ترار) فأخبر عاملها بأمرهم وأعلمه أن لا طاقة لأحد بقتالهم فاستمد ملكه جلال الدين (خوارزمشاه) ...» ا ه.
ويريد أن يقول إن الصائل قوي ، متعود على شظف العيش ، ومتمرن على الكفاح ويحاول أن يهتم القوم للأمر ، وهذا ما دعا أن تكون الحروب طاحنة ، والوقائع بين الفريقين دامية ومهولة ...
خوارزمشاه وهذا الحادث :
«إن خوارزمشاه كان قد ندم على قتل اصحاب جنگيز وأخذ أموالهم. وحصل عنده فكر آخر ، فأحضر الشهاب الخيوفي وهو فقيه فاضل كبير المحل عنده لا يخاف ما يشير به فحضر عنده فقال له : قد حدث أمر عظيم لا بد من الفكر فيه فآخذ رأيك في الذي نفعله وذاك أنه قد تحرك إلينا خصم من ناحية الترك في كثرة لا تحصى فقال له في عساكرك كثرة ونكاتب الأطراف ونجمع العساكر ويكون النفير عاما. فإنه يجب على المسلمين كافة مساعدتك بالمال والنفس ثم نذهب بجميع العساكر إلى جانب سيحون (هو نهر كبير يفصل بين بلاد الترك وبلاد الإسلام) فنكون هناك. فإذا جاء العدو وقد سار مسافة بعيدة لقيناه ونحن مستريحون وهو وعساكره قد مسهم النصب والتعب. فجمع خوارزمشاه أمراءه ومن عنده من أرباب المشورة فاستشارهم فلم يوافقوه على رأيه بل قالوا نتركهم يعبرون سيحون إلينا ويسلكون هذه الجبال والمضايق فإنهم جاهلون بطرقها ونحن عارفون بها فنقوى حينئذ عليهم ونهلكهم فلا ينجو منهم أحد. فبينما هم كذلك إذ ورد رسول من جنگيزخان معه جماعة يتهدد خوارزمشاه ويقول اتقتلون اصحابي وتأخذون أموالهم!؟ استعدوا للحرب فإني واصل إليكم بجمع لا قبل لكم به!؟» انتهى (١).
__________________
(١) ابن الأثير ج ١٢ ص ١٤٠.