أول وقعة جرت بين خوارزم شاه وبين جوجى خان (١)
إن جنگيزخان حينما سمع بقتل التجار والوفود أرسل رسولا اسمه ابن كفرج بغرا مصحوبا باثنين من التتر إلى خوارزمشاه يتهدده ويقول : «تقتلون اصحابي وتأخذون أموالهم ، استعدوا للحرب فإني واصل إليكم بجمع لا قبل لكم به» وكان جنگيزخان قد سار إلى تركستان فملك كاشغر وبلاساغون وجميع البلاد وأزال عنها التتر الأولى ، فلم يظهر لهم خبر ولا بقي لهم أثر بل بادوا كما أصاب الخطا وأرسل الرسالة المذكورة إلى خوارزمشاه ، فلما سمعها خوارزمشاه أمر بقتل رسوله فقتل وأمر بحلق لحى الجماعة الذين كانوا معه وأعادهم إلى صاحبهم جنگيزخان يخبرونه بما فعل بالرسول ويقولون له إن خوارزمشاه يقول لك أنا سائر إليك ولو أنك في آخر الدنيا حتى أنتقم وأفعل بك كما فعلت بأصحابك (٢) فتجهز خوارزمشاه وسار بعد الرسول مبادرا ليسبق خبره ويكبسهم. فأدمن السير فمضى وقطع مسيرة أربعة أشهر فوصل إلى بيوتهم فلم ير فيها إلا النساء والصبيان والأطفال فأوقع بهم وغنم الجميع وسبى النساء والذرية ...
وكان سبب غيبتهم عن بيوتهم أنهم ساروا إلى محاربة أحد ملوك الترك كشلوخان (٣) (كوچلوخان) فقاتلوه وهزموه وغنموا أمواله وعادوا فلقيهم في الطريق. فوصل إليهم الخبر بما فعل خوارزمشاه بمخلفيهم فجدوا السير فأدركوه قبل أن يخرج من بيوتهم فلما رآه جوجي خان تذاكر مع أمرائه فنهوه عن الدخول بالحرب إذ لم يأمر جنگيزخان
__________________
(١) ورد بلفظ «دوشي خان» في أكثر الكتب العربية «ر : منكبرتي ص ٩».
(٢) ومثلها في منكبرتي ص ٣٥.
(٣) المعروف أنه أي كشلوخان قضى عليه قبل هذه الحادثة كما مر وقبل أن يقتل التجار ... وكان ذلك سنة ٦١٢ ه ١٢١٦ م خلاف ما جاء في ابن الأثير كما نبه على ذلك المنشي النسوي في سيرة جلال الدين منكبرتي «ص ٩».