العراق ثم يقصدون بلاد اذربيجان وارانية ويخربونها ويقتلون أكثر أهليها ولم ينج إلا الشريد النادر في أقل من سنة ... هذا ما لم يسمع بمثله.
ثم لما فرغوا من اذربيجان وأرانية ساروا إلى دربند شروان فملكوا مدنه ولم يسلم غير القلعة التي بها ملكهم وعبروا عندها إلى بلد اللّان واللكز ومن في ذلك الصقع من الأمم المختلفة فأوسعوهم قتلا ونهبا وتخريبا. ثم قصدوا بلاد قفچاق. وهم من أكثر الترك عددا فقتلوا كل من وقف لهم فهرب الباقون إلى الغياض ورؤوس الجبال وفارقوا بلادهم واستولى هؤلاء التتر عليها ... فعلوا هذا في أسرع زمان لم يلبثوا إلا بمقدار مسيرهم لا غير.
ومضت طائفة أخرى غير هذه الطائفة إلى غزنة وأعمالها وما يجاورها من بلاد الهند وسجستان وكرمان ففعلوا فيها مثل فعل هؤلاء وأشد.
هذا ما لم يطرق الأسماع مثله. فلم يبت أحد من البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم ويترقب وصولهم إليه.
والغريب في هؤلاء أنهم لا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم. فإنهم معهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب يأكلون لحومها لا غير. وأما دوابهم التي يركبونها فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات لا تعرف الشعير. فهم إذا نزلوا منزلا لا يحتاجون إلى شيء من خارج. كذا قال ابن الأثير (١) ، لخص وقائعهم وبين أوصافهم والرعب الذي استولى على القلوب من جراء هجومهم ثم ذكر التفصيل ...
__________________
(١) ص ١٣٨ ج ١٢».