المجانيق على سور الموصل وخندق عليها وواصل الزحف والقتال مدة اثني عشر شهرا وكان أهلها قد أبلوا في الجهاد بلاء حسنا وقام الملك الصالح في ذلك قياما تاما ونصب حيال مجانيق المغول بباب الميدان والجصاصين ثلاثين منجنيقا ترمي ليل ونهار.
فلما طال الحصار ورأى سمداغو أن القتال والزحف لا يجديان نفعا أمسك عن ذلك إلى أن فنيت ميرة أهلها وتعذرت الأقوات عليهم واشتد بهم الأمر حتى أكلوا الميتة ولحوم الكلاب ...
فحينئذ طلب الملك الصالح من سمداغو الأمان له ولأهل البلد وترددت الرسل بينهما فاجابه إلى ذلك فلما خرج إليه قبض عليه وعلى ولده وأتباعه ودخل العسكر إلى البلد وقتلوا ونهبوا وسبوا وأسروا ...
ثم أمر بقتل ولده الملقب علاء الملك فقتل وعلق رأسه على باب الجسر وسير الملك الصالح وأخاه الملك الكامل إلى السلطان هلاكو خان. فأمر بالملك الصالح فسلخ وجهه وهو حي ثم قتل وقتل أخوه وكان طفلا وقتل أصحابهم وأتباعهم.
وكان الملك الصالح لما اشتد حصار الموصل كاتب سلطان الشام يسأله مساعدته فأرسل لنصرته أميرا اسمه ايلبرلك في جماعة فلما وصل سنجار كتب على الجناح إلى الملك الصالح يعرفه وصوله فاتفق أن بعض المغول رمى ذلك الطائر بسهم فوجد الخط فحمله إلى سمداغو فأرسل جماعة من عسكره نحو ايلبرلك فساروا إليه وقاتلوه بظاهر سنجار فقتلوه وقتلوا معظم اصحابه وانهزم الباقون.
ابن زيلاق :
ومن جملة من قتل بالموصل في هذه الوقعة محيي الدين محمد بن يوسف بن زيلاق وكان من الفضلاء وشاعرا مجيدا حسن المعاني وله