وحصل على مثل هذه الظروف ... نال مبتغاه قطعا ... ولم يكن ذلك إلا نصيب القليل من الفاتحين وأعاظم الرجال ...
ظهور المغول في المملكة الإسلامية :
في سنة ٦١٦ ه كان ظهور المغول وفتكهم في المسلمين وكذا في هذه السنة كان تمكن الافرنج وتملكهم لدمياط وقتلهم أهلها وأسرهم ... وكأن هذه الأقوام في صلة وتآزر للقضاء على المملكة الإسلامية استفادة من تذبذب الحالة فلم ينكب المسلمون بأعظم مما نكبوا في هذه السنة. والمصيبة الكبرى هي (ظهور التتر) وتملكهم أكثر بلاد الإسلام وسفك دمائهم وسبي حريمهم وذراريهم. ولم يفجع المسلمون منذ ظهر دين الإسلام بمثل هذه الفجيعة ... أما الذي سلم من هاتين الطائفتين (الافرنج والتتر) فالسيف بينهم مسلول والفتنة قائمة على ساق (١).
وإن خطر هؤلاء التتر كان أعظم فإنهم لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والأطفال وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة. فهذه الحادثة استطار شررها وعظم ضررها وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح ولا يزال صداها يرن في الأذان حتى الساعة فإن قوما خرجوا من اطراف الصين فقصدوا بلاد تركستان مثل كاشغر وبلاساغون (٢). ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر مثل سمرقند وبخارى وغيرهما فيملكونها ويفعلون بأهلها الأفاعيل على الوجه الذي سيذكر ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغون منها ملكا وتخريبا وقتلا ونهبا ثم يتجاوزونها إلى الري وهمذان وبلد الجبل وما فيه من البلاد إلى حد
__________________
(١) «ابن الأثير ص ١٣٨ ج ١٢» وأبو الفداء.
(٢) وردت في منكبرتي بلفظ «بلاساقون» «ر : ص ٩ منه».