خدماتها كبرى ، وفوائدها عظمى سواء في الحضارة أو في الثقافة العامة أو الخاصة والسياسة لم تعارضها ... ولم يؤثر في سيرها ضياع الكتب وبعض المكتبات ، أو الذهاب بها إلى مراغة وانتزاعها من العراق فلا تزال بقية باقية تغذي العقول ، وتحبب العلوم وتمكنها في البلد دون حاجة إلى مناصرة من حكومة والحكومة آنئذ أجنبية فلم تؤثر على عقائدها ولا ثقافتها ، ولا تغير مركز الحكومة من بغداد إلى ايران ... كل ذلك لم يضرها الضرر الكبير ولا قلل من روحيتها ...
ثم إن التجاء الهاربين من علماء العراق أيام الواقعة وبعدها قد ولد انتباها في الأقطار الإسلامية الكبرى مثل سورية ومصر ... هاجروا هربا من المغول فأوجدوا نهضة علمية ، واشتهر فيها جماعة من علماء العراق فأثروا في الثقافة ونالوا منزلة لا يستهان بها ... ولم يفقد العراق مزاياه بذهابهم وإنما تمكن في مدة يسيرة من استعادة مجده العلمي والثقافي ...
والعراق لم يقف عند مؤسساته القديمة أو بقاياها وإنما أسس معاهد جديدة مثل المدرسة العصمتية إلا أنها قليلة ولا تقاس بما بقي إلى ما بعد الاحتلال من المؤسسات العباسية ، وبقاؤها كان نعمة فهي خير معهد تربية علمية وأدبية وفنية ... والحكومة آنئذ لم تتعرض للمؤسسات أمثال هذه ... ولكنها بعد أن أسلمت ناصرتها وأيدت مركزها ...
نعم كان أكبر عمل هدام لهذه المؤسسات وللتقليل من شأنها أن الفاتحين بسبب أنهم لم يكونوا مسلمين راعوا ما يوافق رغبتهم من العلوم والثقافات كالعلوم الفلكية والرياضية والطب ... ومن الفنون الموسيقى وأمثال ذلك كالرسم أو ما يتعلق بالمعاملات اليومية فكان هو المعتبر عندهم. أما سائر العلوم فإنها قامت بمؤسساتها ... وهناك عامل