ومرجع هذا المعنى إلى شيئين : الأوّل : تصور الامور المتعددة كالتكبير والقيام والقراءة مثلاً بتصور واحد. الثاني : الأمر بهذه الامور المتعددة ، ولا يصلح شيء منهما لأن يكون جعلاً للماهية.
أمّا الأوّل : فهو عبارة عن إيجاد الماهيات المتعددة في الذهن ، فانّ الوجود الذهني للأشياء هو عين تصوّرها لا جعل الماهيات تشريعاً ، فيكون تصوّرها جعلاً تكوينياً لها في الذهن بتبع إيجادها فيه ، كما أنّ الجعل التكويني الخارجي لماهية إنّما يكون بتبع إيجادها في الخارج. والفرق بين الوجود الذهني والخارجي أنّ وجود الأشياء في الخارج متمايز ومنحاز بعضها عن بعض ، بخلاف وجودها الذهني ، فانّه يمكن تصورها في الذهن بتصور واحد بلا امتياز لبعضها عن بعض.
وأمّا الثاني : فهو عبارة عن التكليف فهو المجعول تشريعاً دون الماهية.
فتحصّل : أنّ المجعول الشرعي منحصر في الأحكام التكليفية والوضعية.
ثمّ إنّ الحكم التكليفي قد يكون مجعولاً بنحو القضية الحقيقية والكبرى الكلية كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...)(١) وقد يكون مجعولاً بنحو القضية الشخصية كما في أمر الرسول صلىاللهعليهوآله الشيخين بالخروج مع جيش اسامة.
وكذا الحكم الوضعي تارةً يكون مجعولاً بنحو القضية الحقيقية كما في قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ...)(٢) بناءً على كون المراد بحليته الحلية الوضعية. وكما
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) البقرة ٢ : ٢٧٥.