في القضاوة العامة المجعولة بنحو القضية الحقيقية المستفادة من قوله عليهالسلام : «انظروا إلى رجل قد نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ـ إلى قوله عليهالسلام ـ فانّي قد جعلته حاكماً» (١).
واخرى يكون مجعولاً بنحو القضية الشخصية كما في نصب الإمام عليهالسلام شخصاً معيّناً قاضياً في بلدة معيّنة. وبالجملة : في كل مورد حكم فيه الرسول بما هو رسول أو الإمام بما هو إمام فهو حكم شرعي يجب امتثاله ، وإن كان الحق عندنا وجوب إطاعة الرسول أو الإمام حتى فيما إذا حكم بما هو هو لا بما هو رسول أو بما هو إمام.
إذا عرفت ما ذكرناه من الفرق بين الأحكام التكليفية والوضعية وأقسامهما ، تعلم صحة جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية أيضاً.
أمّا الحكم الوضعي المجعول بالاستقلال كالملكية والزوجية فأمره واضح ، لكونه كالحكم التكليفي من جميع الجهات ، فان قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلية التكليفية ، نقول به في الأحكام الوضعية أيضاً ، سواء كان الشك من جهة احتمال النسخ أو من جهة احتمال الرافع ، وإن قلنا باختصاص الاستصحاب بالشبهات الموضوعية ، نقول به في الأحكام الوضعية.
وأمّا الحكم الوضعي المجعول بالتبع كالشرطية والسببية والمانعية ، فجريان الاستصحاب فيه وإن كان لا مانع منه من حيث المقتضي وشمول الدليل من قوله عليهالسلام : «لاتنقض ...» إلاّأ نّه لاتصل النوبة إلى جريان الاستصحاب فيه ، بل يجري الاستصحاب في منشأ انتزاعه ، فاذا شككنا في بقاء شرطية
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٣٦ و ١٣٧ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١ (باختلاف يسير).