الحادث لقيام الأمارة معلوم العدم ، لأنّه كان مقيداً بقيام الأمارة ، والمفروض عدم دلالة الأمارة على الحكم في الزمان الثاني ، وإلاّ لم يقع الشك فيه ، فلا مجال لجريان الاستصحاب ، بلا فرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية.
والاولى كما إذا أفتى مفتٍ بوجوب شيء في زمان مع تردده في الزمان الثاني ، فلا يجري استصحاب الوجوب في الزمان الثاني ، لكون الوجوب الواقعي مشكوكاً من أوّل الأمر ، والوجوب الحادث لفتوى المفتي كان مقيداً بالفتوى ، والمفروض كونه متردداً في الزمان الثاني فهو معلوم الانتفاء.
والثانية كما إذا قامت البينة على نجاسة ماءٍ في الأمس مثلاً ، ثمّ شككنا في بقاء نجاسته في اليوم ، فلا مجال لجريان الاستصحاب ، إذ النجاسة الواقعية مشكوكة من أوّل الأمر ، والنجاسة الحادثة لقيام الأمارة مقيدة بحال قيام الأمارة ، والمفروض قيام البينة على النجاسة في الأمس دون اليوم ، فالنجاسة الحادثة منتفية يقيناً. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح الاشكال.
وقد أجاب عنه صاحب الكفاية قدسسره (١) بأن اعتبار اليقين إنّما هو لأجل التعبد بالبقاء لا بالحدوث ، فمفاد أدلة الاستصحاب هو جعل الملازمة بين الحدوث والبقاء ، فيكفي في جريان الاستصحاب الشك في البقاء على تقدير الثبوت ، ولا يلزم الشك الفعلي في البقاء ، فانّ صدق الشرطية لا يتوقف على صدق طرفيها.
ثمّ استشكل على نفسه بأنّ اليقين جعل موضوع الاستصحاب في لسان الأدلة ، فكيف يصح جريانه مع عدم اليقين.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠٤ و ٤٠٥.