فأجاب بأنّ اليقين المأخوذ في أدلة الاستصحاب ليس موضوعاً للاستصحاب ، بل طريق إلى الثبوت ، فيكون التعبد بالبقاء مبنياً على الثبوت لا على اليقين بالثبوت ، وذكر اليقين في أدلة الاستصحاب لمجرد كونه طريقاً إلى الثبوت ، ففيما إذا قامت الأمارة على الثبوت يتعبد بالثبوت للأمارة ، وبالبقاء لأدلة الاستصحاب الدالة على الملازمة بين الثبوت والبقاء.
وفيه أوّلاً : أنّ ظاهر أدلة الاستصحاب كون اليقين موضوعاً له كالشك ، ولا تنافي بين كونه موضوعاً للاستصحاب وطريقاً إلى متعلقه. ولا إشكال في أنّ اليقين في مورد الاستصحاب طريقي بالنسبة إلى متعلقه ، لكنّه موضوعي بالنسبة إلى الاستصحاب وعدم جواز نقض اليقين بالشك ، لما ذكرنا سابقاً (١) من أن قوله عليهالسلام : «لا ينبغي نقض اليقين بالشك» راجع إلى القضية الارتكازية ، وهي أنّ الأمر المبرم لا يرفع اليد عنه لأمر غير مبرم ، والمراد من الأمر المبرم في المقام هو اليقين ، ومن غير المبرم هو الشك ، فلا بدّ من وجود اليقين والشك.
وثانياً : أنّ الملازمة المدعاة بين الثبوت والبقاء في كلامه إن كان المراد منها الملازمة الواقعية ، بأن يكون مفاد أدلة الاستصحاب هو الاخبار عن الملازمة الواقعية بين الحدوث والبقاء فهو مع كونه مخالفاً للواقع ، لعدم الملازمة بين الحدوث والبقاء في جميع الأشياء ، لكونها مختلفة في البقاء غاية الاختلاف ، فبعضها آني البقاء وبعضها يبقى إلى ساعة وبعضها إلى يوم وهكذا ، مستلزم لكون أدلة الاستصحاب من الأمارات الدالة على الملازمة الواقعية بين الحدوث
__________________
(١) في ص ٢١.