فنعلم بكوننا جنباً حين خروج هذا المني ، ولكن نحتمل أن يكون هذا المني من الجنابة التي اغتسلنا منها وأن يكون من غيرها ، هذه هي أقسام استصحاب الكلي.
أمّا القسم الأوّل : فلا ينبغي الاشكال في جريان الاستصحاب فيه كما تقدّم.
وأمّا القسم الثاني : فيجري فيه الاستصحاب أيضاً ، ففي مثال الحدث المردد بين الأكبر والأصغر نجري الاستصحاب في الكلي ونحكم بعدم جواز الدخول في الصلاة وحرمة مس كتابة القرآن. وأمّا عدم جواز المكث في المسجد ، فليس أثراً لجامع الحدث ، بل لخصوص الجنابة ، ولا مجال لجريان الاستصحاب فيها لعدم اليقين بها. نعم ، لا يجوز له المكث في المسجد لأجل العلم الاجمالي بحرمته أو بوجوب الوضوء للصلاة ، وهو شيء آخر لا ربط له بمسألة الاستصحاب.
واستشكل بعضهم في جريان الاستصحاب في القسم الثاني بأنّ الاستصحاب فيه وإن كان جارياً في نفسه لتمامية موضوعه من اليقين والشك ، إلاّأ نّه محكوم بأصل سببي ، فانّ الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل والأصل عدمه ، ففي المثال يكون الشك في بقاء الحدث مسبباً عن الشك في حدوث الجنابة ، فتجري أصالة عدم حدوث الجنابة ، وبانضمام هذا الأصل إلى الوجدان يحكم بارتفاع الحدث ، فانّ الحدث الأصغر مرتفع بالوجدان ، والحدث الأكبر منفي بالأصل.
واجيب عنه بوجوه :
الأوّل : ما في الكفاية (١) من أنّ الشك في بقاء الكلي ليس مسبباً عن الشك
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠٦.