الوجه الثاني : أن يكون لهما أثر مشترك ويكون للفرد الطويل أثر مختص به ، فيكون من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، كما في المثال الذي ذكرناه من كون نجسٍ مردداً بين البول وعرق الكافر ، فانّ وجوب الغسل في المرة الاولى أثر مشترك فيه ، ووجوب الغسل مرةً ثانيةً أثر لخصوص البول ، ففي مثله لو جرى الاستصحاب في الكلي وجب الغسل مرةً ثانية ، ولو لم يجر كفى الغسل مرةً.
لكنّه لا يجري لحكومة الأصل السببي عليه ، وهو أصالة عدم حدوث البول أو أصالة عدم كون الحادث بولاً ، ولا تعارضها أصالة عدم كون الحادث عرق كافر أو أصالة عدم حدوثه ، لعدم ترتب أثر عليها ، إذ المفروض العلم بوجوب الغسل في المرة الاولى على كل تقدير ، فاذن لا يجري الأصل في القصير حتى يعارض جريان الأصل في الطويل. وأمّا إثبات حدوث الفرد الطويل بأصالة عدم حدوث الفرد القصير ، فهو متوقف على القول بالأصل المثبت ولا نقول به.
وملخص الاشكال على هذا الجواب : أنّه في القسم الأوّل وإن كانت الاصول السببية متعارضة متساقطة ، إلاّأ نّه لا أثر لجريان الاستصحاب في الكلي ، لتنجز التكليف بالعلم الاجمالي. وفي القسم الثاني يكون الأصل السببي حاكماً على استصحاب الكلي ولا يكون له معارض ، لعدم جريان الأصل في الفرد القصير لعدم ترتب الأثر عليه.
الرابع : ما ذكره أيضاً في الكفاية (١) وجعله ثالثاً من الأجوبة ، وهو أنّ الشك في بقاء الكلي وإن سلّم كونه مسبباً عن الشك في حدوث الفرد الطويل ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠٦.