وفيه : أنّ العينية لا تنفع ، بل جريان الاستصحاب في الكلي على العينية أولى بالاشكال منه على السببية.
الثالث : ما ذكره العلاّمة النائيني (١) قدسسره وهو أنّ الأصل السببي معارض بمثله ، فانّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل معارض بأصالة عدم حدوث الفرد القصير ، وأصالة عدم كون الحادث طويلاً معارض بأصالة عدم كون الحادث قصيراً ، وبعد سقوط الأصل السببي للمعارضة تصل النوبة إلى الأصل المسببي ، وهو استصحاب بقاء الكلي.
وفيه : أنّ دوران الأمر بين الفرد الطويل والقصير يتصور على وجهين :
الوجه الأوّل : أن يكون للفرد الطويل أثر مختص به وللفرد القصير أيضاً أثر مختص به ، ولهما أثر مشترك بينهما كما في الرطوبة المرددة بين البول والمني ، فانّ الأثر المختص بالبول هو وجوب الوضوء وعدم كفاية الغسل للصلاة ، والأثر المختص بالمني هو وجوب الغسل وعدم كفاية الوضوء ، وعدم جواز المكث في المسجد وعدم جواز العبور عن المسجدين ، والأثر المشترك هو حرمة مس كتابة القرآن ، ففي مثل ذلك وإن كان ما ذكره من تعارض الاصول صحيحاً ، إلاّ أنّه لا فائدة في جريان الاستصحاب في الكلي في مورده ، لوجوب الجمع بين الوضوء والغسل في المثال بمقتضى العلم الاجمالي ، فان نفس العلم الاجمالي كافٍ في وجوب إحراز الواقع ، ولذا قلنا في دوران الأمر بين المتباينين (٢) بوجوب الاجتناب عن الجميع للعلم الاجمالي ، فهذا الاستصحاب مما لا يترتب عليه أثر.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٩٢ ، فوائد الاصول ٤ : ٤١٨.
(٢) في الجزء الثاني من هذا الكتاب ، ص ٤٠٣ وما بعدها.