وكذا القسم الثاني ، فانّه مع الشك في بقاء الموضوع الخارجي على ما كان عليه ، يحكم ببقائه على ما كان بمقتضى الاستصحاب ، ويترتب عليه جميع أحكامه المنجّزة والمعلّقة.
إنّما الكلام في القسم الثالث ، والظاهر ابتناء هذا البحث على أنّ القيود المأخوذة في الحكم هل هي راجعة إلى نفس الحكم ولا دخل لها بالموضوع ، أو راجعة إلى الموضوع ، فعلى تقدير القول برجوعها إلى نفس الحكم ، يكون الحكم الثابت للموضوع حصة خاصة من الحكم ، فيثبت الحكم عند تحقق موضوعه ، فاذا وجد العنب في الخارج في مفروض المثال ، كان الحكم بحرمته الخاصة فعلياً لا محالة ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه عند الشك في بقائه.
وأمّا على تقدير القول برجوعها إلى الموضوع ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه لكون الموضوع حينئذ مركباً من العصير وغليانه. وفعلية الحكم المترتب على الموضوع المركب متوقفة على وجود موضوعه بتمام أجزائه ، لأن نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علته ، ولا يمكن تحقق المعلول إلاّبعد تحقق العلة بما لها من الأجزاء ، فوجود أحد جزأي الموضوع بمنزلة العدم ، لعدم ترتب الحكم عليه ، فلم يتحقق حكم حتى نشك في بقائه ليكون مورداً للاستصحاب.
وحيث إنّ الصحيح في القيود هو كونها راجعةً إلى الموضوع على ما ذكرنا في مبحث الواجب المشروط (١) ، فلا مجال لجريان الاستصحاب في المقام.
ولا فرق فيما ذكرناه من كون القيود راجعةً إلى الموضوع بحسب اللب بين أن
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١٦٧.