يكون القيد مذكوراً في الكلام بعنوان الوصف ، كما إذا قال المولى يجب الحج على المستطيع ، أو بعنوان الشرط كما إذا قال يجب الحج على المكلف إن استطاع.
نعم ، بينهما فرق من جهة ثبوت المفهوم في الثاني دون الأوّل ، لكنّه لا دخل له فيما نحن فيه من كون القيد راجعاً إلى الموضوع دون الحكم.
فتحصّل مما ذكرناه : عدم تمامية الاستصحاب التعليقي.
نعم ، هنا شيء وهو أنّه إذا كان الحكم مترتباً على الموضوع المركب ووجد أحد أجزائه ، فيحكم العقل بأ نّه إن وجد جزؤه الآخر ، لترتب عليه الأثر ، وهذا ـ مع كونه حكماً عقلياً ـ معلوم البقاء في كل مركب وجد أحد أجزائه ، فلا معنى لاستصحابه.
وبالجملة : جريان الاستصحاب التعليقي متوقف على القول بكون القيود راجعةً إلى الحكم ، وهو في غاية السقوط على ما تقدّم في مبحث الواجب المشروط ، فلا يبقى مجال للاستصحاب التعليقي.
ولعلّه لذلك عدل الشيخ (١) قدسسره عن الاستصحاب التعليقي في مسألة العصير الزبيبي إلى جريان الاستصحاب التنجيزي في السببية ، بدعوى أنّ الغليان حال العنبية كان سبباً للحرمة ، فالاستصحاب يقتضي بقاء السببية حال الزبيبية أيضاً. وهذه السببية لم تكن معلّقةً على تحقق الغليان في الخارج حتى يقال : إنّ استصحاب السببية أيضاً من الاستصحاب التعليقي ، وذلك لأنّ السببية مستفادة من حكم الشارع بأنّ العصير يحرم إذا غلا ، ومن المعلوم أنّ صدق القضية الشرطية لا يتوقف على صدق الطرفين.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٥٤.