الحكم في حقه بأصالة عدم النسخ ، وفي حق غيره بقاعدة الاشتراك في التكليف.
وفيه : أنّ إثبات الحكم بقاعدة الاشتراك إنّما هو مع عدم الاختلاف في الصفة المعبّر عنه بالوحدة الصنفية ، فلا يجوز إثبات تكليف المسافر للحاضر وبالعكس بقاعدة الاشتراك. والحكم في المقام بما أنّه ليس من الحكم الواقعي المستفاد من الأمارة بلا لحاظ اليقين والشك ، بل من الأحكام الظاهرية المستفادة من الاستصحاب على الفرض ، فلا يمكن تسرية الحكم الثابت على من تيقن وشك إلى غيره ، فانّ قاعدة الاشتراك وإن كانت جاريةً في الأحكام الظاهرية أيضاً ، إلاّأ نّها إنّما تجري مع حفظ الموضوع للحكم الظاهري ، مثلاً إذا ثبت الحكم بالبراءة لأحد عند الشك في التكليف ، يحكم لغيره أيضاً بالبراءة إذا شك في التكليف ، لقاعدة الاشتراك ، ولا يعقل إثبات الحكم بالبراءة لغير الشاك بقاعدة الاشتراك.
ففي المقام مقتضى قاعدة الاشتراك ثبوت الحكم لكل من تيقن بالحكم ثمّ شك في بقائه ، لا ثبوته لجميع المكلفين حتى من لم يكن متيقناً بالحكم وشاكاً في بقائه. فالحكم الثابت في حق من أدرك الشريعتين أو الزمانين لأجل الاستصحاب لا يثبت في حق غيره لقاعدة الاشتراك ، لعدم كونه من مصاديق الموضوع ، فانّ مفاد القاعدة عدم اختصاص الحكم بشخص دون شخص ، فيعم كل من تيقن بالحكم فشك في بقائه ، لا أنّ الحكم ثابت للجميع ولو لم يكن كذلك ، بل كان شاكاً في حدوثه كما في المقام.
الثاني : ما ذكره الشيخ قدسسره (١) وارتضاه غير واحد من المتأخرين
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٥٥ و ٦٥٦ التنبيه الخامس من تنبيهات الاستصحاب.