الاستمرار ، فهو خارج عن محل الكلام.
وأمّا الاشكال الثاني على استصحاب عدم النسخ المختص باستصحاب أحكام الشرائع السابقة : فهو ما ذكره المحقق النائيني (١) قدسسره وحاصله : أنّ تبدل الشريعة السابقة بالشريعة اللاحقة إن كان بمعنى نسخ جميع أحكام الشريعة السابقة ـ بحيث لو كان حكم في الشريعة اللاحقة موافقاً لما في الشريعة السابقة لكان الحكم المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلاً للحكم المجعول في الشريعة السابقة لا بقاءً له ـ فيكون مثل إباحة شرب الماء الذي هو ثابت في جميع الشرائع مجعولاً في كل شريعة مستقلاً ، غاية الأمر أنّها أحكام متماثلة ، فعدم جريان الاستصحاب عند الشك في النسخ واضح ، للقطع بارتفاع جميع أحكام الشريعة السابقة ، فلا يبقى مجال للاستصحاب. نعم ، يحتمل أن يكون المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلاً للمجعول في الشريعة السابقة ، كما يحتمل أن يكون مخالفاً له ، وكيف كان لا يحتمل بقاء الحكم الأوّل.
وإن كان تبدل الشريعة بمعنى نسخ بعض أحكامها لا جميعها ، فبقاء الحكم الذي كان في الشريعة السابقة وإن كان محتملاً ، إلاّأ نّه يحتاج إلى الامضاء في الشريعة اللاحقة ، ولا يمكن إثبات الامضاء باستصحاب عدم النسخ إلاّعلى القول بالأصل المثبت.
وفيه : أنّ نسخ جميع أحكام الشريعة السابقة وإن كان مانعاً عن جريان استصحاب عدم النسخ إلاّأنّ الالتزام به بلا موجب ، فانّه لا داعي إلى جعل إباحة شرب الماء مثلاً في الشريعة اللاحقة مماثلةً للاباحة التي كانت في الشريعة السابقة. والنبوة ليست ملازمة للجعل ، فانّ النبي هو المبلّغ للأحكام
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٢٨ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٨٠.