دخل خصوصية الأفراد في ثبوت الحكم ، لا عدم اختصاص الحكم بحصة دون حصة ، فاذا شككنا في أنّ المحرّم هو الخمر مطلقاً ، أو خصوص الخمر المأخوذ من العنب ، كان الشك في حرمة الخمر المأخوذ من غير العنب شكاً في ثبوت التكليف ، ولا مجال لجريان الاستصحاب معه.
والمقام من هذا القبيل ، فانّا نشك في أنّ التكليف مجعول لجميع المكلفين أو هو مختص بمدركي زمان الحضور ، فيكون احتمال التكليف بالنسبة إلى غير المدركين شكاً في ثبوت التكليف لا في بقائه ، فلا مجال لجريان الاستصحاب حينئذ إلاّعلى نحو الاستصحاب التعليقي ، بأن يقال : لو كان هذا المكلف موجوداً في ذلك الزمان لكان هذا الحكم ثابتاً في حقه ، والآن كما كان. لكنك قد عرفت (١) عدم حجية الاستصحاب التعليقي.
فالتحقيق : أنّ هذا الاشكال لا دافع له ، وأنّ استصحاب عدم النسخ مما لا أساس له ، فان كان لدليل الحكم عموم أو إطلاق يستفاد منه استمرار الحكم ، فهو المتبع ، وإلاّ فان دلّ دليلٌ من الخارج على استمرار الحكم كقوله عليهالسلام : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (٢) فيؤخذ به ، وإلاّ فلا يمكن إثبات الاستمرار باستصحاب عدم النسخ. فما ذكره المحدث الاسترابادي (٣) من أنّ استصحاب عدم النسخ من الضروريات ، إن كان مراده الاستصحاب المصطلح ، فهو غير تام ، وإن كان مراده نتيجة الاستصحاب ولو من جهة الأدلة الدالة على
__________________
(١) في التنبيه السادس.
(٢) الكافي ١ : ٥٨ / باب البدع والرأي والمقاييس ح ١٩.
(٣) الفوائد المدنية : ١٤٣.