والاصول من هذه الجهة. فما ذكروه ـ من أنّ الجهل بالواقع مورد للعمل بالأمارة وموضوع للعمل بالأصل ـ مما لا أساس له.
وذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) وجهاً آخر : وهو أنّ الأدلة الدالة على اعتبار الأمارات تدل على حجيتها بالنسبة إلى مدلولها المطابقي ومدلولها الالتزامي ، فلا قصور من ناحية المقتضي في باب الأمارات ، بخلاف الاستصحاب فانّ مورد التعبد فيه هو المتيقن الذي شك في بقائه ، وليس هذا إلاّالملزوم دون لازمه ، فلا يشمله دليل الاستصحاب ، فاذا قُدّ رجل تحت اللحاف نصفين ولم يعلم أنّه كان حياً ، فباستصحاب الحياة لا يمكن إثبات القتل ، لأن مورد التعبد الاستصحابي هو المتيقن الذي شك في بقائه وهو الحياة دون القتل. وكذا غيره من الأمثلة التي ذكرها الشيخ (٢) قدسسره.
ولا يمكن الالتزام بترتب الآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العقلية أو العادية ، لأجل القاعدة المعروفة ، وهي أنّ أثر الأثر أثر على طريقة قياس المساواة ، لأن هذه الكلية مسلّمة فيما كانت الآثار الطولية من سنخ واحد ، بأن كان كلّها آثاراً عقلية ، أو آثاراً شرعية ، كما في الحكم بنجاسة الملاقي للنجس ونجاسة ملاقي الملاقي وهكذا ، فحيث إنّ لازم نجاسة الشيء نجاسة ملاقيه ولازم نجاسة الملاقي نجاسة ملاقي الملاقي وهكذا ، فكل هذه اللوازم الطولية شرعية ، فتجري قاعدة أنّ أثر الأثر أثر ، بخلاف المقام فانّ الأثر الشرعي لشيء لا يكون أثراً شرعياً لما يستلزمه عقلاً أو عادةً ، فلا يشمله دليل حجية الاستصحاب.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤١٤ ـ ٤١٦ / التنبيه السابع من تنبيهات الاستصحاب.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٦٦٠ و ٦٦٤.